jeudi 26 avril 2012

ثقافة سينمائية

مهمة التربية الفنية *
  
بقلم : ج. أ. ل. بيتيرز
  
ترجمة : عدنان المبارك
  


يرى بعض المرّبين و الآباء والأمهات أن الفلم غلبما يلقي بتأثير خطر على الأطفال ينبغي التصدي له بصورة ما ، بل أن اكثريتهم تعتبر ، وكما يبدو ، أن على المربّين أن يملكوا حق الوساطة أو التدخل في قضايا الفلم ، بالرغم من أن الأفلام لاتعبّر بشكل سافر عن أفكار وآراء ما مخالفة للمباديء الأخلاقية المقبولة عامة. مثلا هي لاتمجد صراحة ، رجال العصابات أو غيرهم من اللصوص. وبين الكثيرين من الأشخاص المتفرغين لقضايا تربية الشباب يسود الإعتقاد بأن الأفلام قادرة على أن تخلق المناخ العاطفي أو الفكري المضّر بالعقول التي لم تنضج بعد.
ويجد بعضهم أنه ينبغي القيام بنشاط إيجابي طالما أنه ليس بالإمكان تخفيف الأخطار الكامنة في الفلم أو تجنبها بوسائل ذات مفعول سلبي صرف. بيد أن المحاولات المبذولة لغاية الآن والتي تملك المظهر الإيجابي قد ظهرت في التطبيق العملي سلبية أيضا. ويحاول بعض المرّبين ، مثلا ، أن يبدد ( الأوهام ) التي يأخذ بها الشباب تحت تأثير الفلم. وكتب البروفسور الأمريكي هربرت بلومير H . Blumer في عام 1933 في كتاب هو ضمن سلسلة معروفة من الكتب " 1 " ، انه ينبغي تحذير الشبيبة كي لا ( تنخدع ) بسهولة ، بمضمون الفلم وأن لا تتطابق الى حد كبير مع أبطال الفلم وأن تحافظ في أثناء عرض الفلم على يقظة الذهن وإستقلالية الحكم. ووفقا لهذه النظرية ينبغي على الشباب أن يكسبوا تدريجيا مهارة (الإنفصال) عن المضامين المطروحة ، أي أن يمتلكوا الصفة التي تميز عقول الناس الناضجين ، وبفضلها يصبح الشباب متفرجا ذا وعي ومحصّنا ضد أحداث الفلم ومهما كانت درجة متابعته لها.
وكما أجد فنحن اليوم نفهم بصورة أفضل أن بمقدور الشباب أن يمتلك ، تدريجيا ، مهارة النظر النقدي الى الأفلام بدون أن يخسر في الوقت نفسه جميع القيم الثمينة التي يمكن ان يمنحها الفلم للمتفرج. وكما لاحظ بعد عشرين سنة من صدور هذا الكتاب عالم أمريكي آخر هو البرفسور أدغار ديل "2 " فأنها ستكون خسارة لاتعوض من الناحية التربوية ، ناهيك عن أنالتفاعل الشعوري مع الفلم سيكون أقل خصبا ، إذا غرسنا في نفوس الشباب مبدأ اللامبالاة الشعورية أزاء الشيء الذي يكون موضع إهتمامه..
إذن نصل الى نتيجة مفادها أنه إذا كان الفلم ذا قيمة ينبغي إعطاء المتفرج الشاب إمكانية التفاعل الشديد مع هذا العرض. ومن الطبيعي أن الإنطباعات العميقة لاينبغي أن يكون سببها شهرة النجوم وكلفة الإنتاج الضخمة أو الحيل التقنية. فالشكل السلبي للتعليم الفلمي يكون خلق المقاومة لدى المتفرج ضد سحر النوعية المشكوك بها ، أما الجانب الإيجابي فهو إعداد المتفرج للتقدير الواعي والتقبل الذي تستحقه هذه القيم..
وفي الدراسات الصادرة في الولايات المتحدة يحدد التعليم الفلمي ، في الغالب ، بمصطلح الحكم في قضايا الفلم motion picture discrimination . وهذا يحوي في الوقت نفسه ، كما يبدو لي ، فكرة الدفاع ضد قوة الفلم الإيحائية. كذلك هناك فكرة إيضاح قضايا تقدير الفلم وتلقيّه. ولكن في تقرير وير Weare " 3 " والذي هو وثيقة مهمة تتكلم عن التعليم الفلمي في بريطانيا يغلب الحرص من أجل زيادة مقاومة الشبيبة للتأثير المضر للسينما ، على جميع الأبعاد الأخرى لهذه القضية.
وقد مهدت فكرة أن الفلم فن جديد ، بصورة متأخرة ، لنظرية الفلم وممارسات التعليم الفلمي في بلدان كثيرة أيضا. إن التأكيد على ضرورة تعليم الأطفال تقدير الأفلام كأعمال فنية يدفع في معظم الأحيان الى اللجوء الى البرهان القائل إن ذلك خير وسيلة لحماية الشباب من الخطر الأخلاقي الذي يحمله الفللم.
وفي هذا الحقل تحصل تغيرات مفيدة. مثلا في أنكلترا التي إعتبر فيها ولأمد طويل أن المعرفة الفلمية ينبغي أن تكون أحد فروع التعليم الفني ونجد أن الكثيرين من أعضاء جمعية التعليم الفلمي والتلفزيوني( Society for Education in Film and TV ) والمسماة في السابق ( Society of Film Teachers ) قد بحثوا منذ أمد بعيد قضايا الفلم وليس من الناحية الأستيتيكية فقط بل من ناحية القيم الإجتماعية والأخلاقية والثقافية. ومثل هذا الفهم للتعليم الفلمي يفتح طريقا له خارج إنكلترا أيضا، و ليس فقط في الأوساط التي تتفرغ مهنيا لهذه القضايا. لكن علينا أن لاننسى الفرضية المعاكسة والقائلة بعدم وجوب شمول المعرفة الفلمية لأبعاد الفلم الأجتماعية والأخلاقية للفلم الروائي لكن خارج مهام التعليم الفلمي ولأنها تعود الى الفلم التعليمي الذي يعتبر مساعدة بصرية في عملية التعليم. إذن نحن شهود حالة سوء فهم شائعة. وطبيعي أن هناك صلات معيّنة بين التعليم الفلمي وإستخدام الفلم كسند في عملية التعليم غير أن هناك فارقا أساسيا. فنحن حين نشيع المعرفة الفلمية لاننظر الى الفلم كعمل فني فقط بل كظاهرة إجتماعية وتسلية ، فالفلم هو وسيطة لإشاعة القيم الروحية والأخلاقية والدينية وغيرها ، ونادرا ما يكون عملا فنيا. والمتعة التي يشيعها الفلم هي على الغالب قريبة من الإنطباعات التي تثيرها في النفس مطالعة الصحف أو الإسهام في فعاليات جماعية أو حين مشاهدة نزالات رياضية.
أكيد أنه لاينبغي على المعرفة الفلمية أن تتفرغ لهذا الطراز من الأفلام ، بيد أن الأمر سيكون شبيها بإلقاء أهم جزء من الإنتاج الفلمي جانيا. ومثل هذه الآراء لامكان لها في الحلبة العامة. فالمربّي يدرك جيدا أن للفلم مكانا مهما في حياة الشباب وليس لإعتبارات أستيتيكية فقط.
إن هذه الملاحظات لاتهدف تفنيد الرأي القائل بضرورة إستخدام الفلم كجهة مساعدة في التعليم المدرسي. إلا أنها تؤكد حسب ، على وجوب تعليم الشباب الأسلوب الكفيل بإغناء شخصيتهم بالقيم التي يكون الفلم قادراعلى توفيرها.

• هذا نص ماخوذ من كتاب بيتيرز ( التعليم الفلمي Teaching About the Film ) والذي قامت هيئة اليونسكو بنشره في عام 1961 .
" 1 " H.Blumer , Movies and Conduct.New York,1933
" 2 " Edgar Dale , Teaching Discrimination in Motion Pictures في كتاب:
Nelson B. Henry , Mass Media and Education , University of Chicago Press.
" 3 " Home Office Raport of the Deparmental Committee on Children and the Cinema , London, 1950.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire