mardi 17 avril 2012

السيناريو

هذا الجزء الخاص بالسيناريو في موقع المدرسة العربية للسينما و التلفزيون


مقدمة 
 
يعتبر السيناريو هو الهيكل والإطار العام للفيلم , فقصة الفيلم وموضوعه يتحددان من خلاله , وكذلك الحبكة والشخصيات. وبذلك يكون السيناريو هو رسم باللغة والبناء العام لما سينفذ بالصورة والحركة. فالسيناريو يقدم للمخرج وغيره من الفنانين صانعى الفيلم، اللغة والأساس لتنظيم العمل السينمائي واتساقه.
وكاتب السيناريو هو الذي يعمل علي النص، وأحياناً يكون هو نفسه مؤلفه. فعمل كاتب السيناريو هو وضع الكلمات علي الورق ورسم الشخصية وتطورها بوضوح وكذلك تحديد البناء القصصي والتيمات. وقد يطلب المنتج من كاتب السيناريو عمل مسودة أو ما يسمي بالنص الاستكشافي speculative script لعرضها علي المنتجين .






مقدمة
علي كل نص أن يجد صوته الخاص، أي أن يكون عنده مفهومه المستقل والخاص لبناء القصة وتطورها. ويمكن لكاتب السيناريو أن يختار موضوعه من الحياة اليومية وتجاربها، أو أن يكون الموضوع من محض الخيال وأعاجيبه، أو أن تتضمن القصة عنصراً , أو حدثاً تاريخياً ,أو موضوعاً فنياً مثيراً. أو ربما فضل كاتب السيناريو أن يعتمد في نصه علي مصدر آخر مثل عمل أدبي. المهم أن نعرف أنه لا توجد أبداً قصة جديدة مائة بالمائة. حتى لو كان الكاتب يقدم القصة بشكل مجدد ومثير فإن أغلب الظن أن أحداً قد سبقه بشيء ما مشابه. ومع وضع كل هذا في الاعتبار فإن الكاتب يستطيع بعمله الجاد ومهارته أن يخلق نصاً مثيراً منمقاً.




نوع الفيلم
Genre
روائي Narrative . . . تسجيلي Documentary . . .  تجريبي Experimental .

أولا ً: الفيلم الروائي : Narrative
هدف الفيلم الروائي هو إمتاع المتفرج. ويعتمد تصنيف الأفلام علي حسب نوعها. وكل نوع له عناصره المخصصة للقصة، وللشخصيات، والبناء، والفكرة. فمثلا تشترك الأفلام الرومانسية في خواص تتعلق بمشاكل الشخصية والأفكار. والمشاكل التي تواجه الشخصية في فيلم الحركة تختلف عن الفيلم الرومانسي.
ونوع الفيلم هو الذي يحدد ما يتوقعه المتفرج من الفيلم. فإذا ما اكتشف المتفرج أنه يشاهد فيلم حرب بدلا من فيلم الرعب الذي يتوقعه فسوف تحدث مشكلة. فالمتفرج يعرف تماما الخصائص العامة المميزة لنوع الفيلم الذي يرغبه، لذا فسوف يدرك فورا إذا ما كان الفيلم خارجا عن هذا الإطار النوعي للفيلم أم لا. وكتابة السيناريو تتطلب الحرفية العالية في كتابة النوع الذي تعمل عليه.
تعتبر أفلاما مثل الأب الروحي، وإنقاذ الجندي رايان، والغريب، وفي السينما العربية أفلام مثل شروق وغروب، والزوجة الثانية، والقاهرة 30، علامة في السينما لأنها لم تتوقف على الاستجابة إلى توقعات المتفرج، بل استطاعت أن تتخطاها.
وأنواع الأفلام كثيرة، لكن القائمة لابد أن تكون مختصرة لتكون نافعة:
أشهر أنواع الأفلام  : Popular Genres
1- أفلام الحركة والمغامرة Action and Adventure :
وتتضمن قصص المطاردة، والدفاع عن الحياة، والإنقاذ .
2- أفلام الرسوم المتحركة Animation :
وتتضمن قصصاً ذات أبطال كارتونية أو عرائس أو صور مصممة من خلال الكومبيوتر.
3-أفلام الصداقة Buddy Movies
و هي أفلام الثنائيات أو الPartnership ,  وتتكلم عن مغامرات يخوضها شخصان و غالبا ما يكونا ضابط و زميله أو ضابط و لص و تدور في قالب كوميدي مثل أفلام   Midnight run ,Showtime و أفلام الثنائي بد سبنسر و تيرانس هيل .
4- أفلام الكوميديا Comedy:
وهي الأفلام التي تبعث علي الضحك، وتتضمن إما أفعالا غريبة معروضة بطريقة فكاهية أو قد تشمل أمورا أكثر تعقيداً في الحياة.
5- أفلام المراهقة  Coming of Age :
وتشمل القصص التي تتضمن مرحلة الوصول إلى النضج.
6- أفلام الجريمة Crime :
وتشمل قصصاً حول التجسس والمخبرين وجرائم القتل.
7- أفلام بوليسية Cop :
وهو فرع من أفلام الجريمة حيث يكون التركيز فيها علي رجال الشرطة.
8- أفلام درامية Drama :
وتتضمن العلاقات المتبادلة بين الأفراد وأحداثا اجتماعية وتاريخية.
11- الأفلام الملحمية : Epic
تستمد  أحداثها  من التاريخ أو من الميثولوجيا عن الأحداث البطولية و الملحمية كالحروب , مع الإهتمام بالديكور و المجاميع الضخمة مثل فيلم الملحمة المسيحية Ben Hur  لوليم وايلر , و فيلم سبارتاكوس لستانلي كوبريك. ويندرج تحت هذا البند أيضا أفلام الBiopic أو أفلام السير الذاتية مثل ناصر 56 أو أيام السادات , أو The life of Emile Zola .
12- أفلام العصابات Gangster :
وهي مستوي من أفلام الجريمة ويكون التركيز فيها علي منظمات الجريمة. مثال : الرفاق الطيبون لسكورسيزي
13- أفلام الرعب Horror :
وتتعامل مع القوي الغامضة والخارقة للطبيعة والوحوش.
14- أفلام الرومانسية  : Romance
وتتضمن القصص الرومانسية.
15- أفلام موسيقية Musical:
وتتضمن القصص التي تغني فيها الشخصيات وترقص. و قد بنيت معظمها علي مسرحيات برودواي الغنائية مثل شيكاجو , قصة الحي الغربي , كاباريه 
16- أفلام الغموض : Mystery
وتعتبر مستوي آخر من أفلام الجريمة، حيث يكون الشرير غير معروف معظم الفيلم.
17- أفلام الرحالة Road :
وتتضمن قصص السفر إلى المصيرمثل فيلم Easy rider
18- أفلام الخيال العلمي : Science Fiction
وتشمل القصص التي يكون فيها العلم أو المستقبل هو المركز.
19- أفلام الكوميديا الرومانسية : (Screwball Comedy (Romantic comedy
وتضم القصص التي تجمع بين الرومانسية والفكاهة. مثل فيلم زواج أعز صديقاتي
20- أفلام المغامر الطائش  : Swashbuckler
وتشمل قصص المغامرة والقرصنة ومعارك السيوف. مثل أفلام : قناع زورو و قراصنة الكاريبي
21- أفلام الإثارة : Thriller
وتضم قصص الجريمة. و هيتشكوك هو أستاذ هذا النوع
22- أفلام الحرب : War
تضم قصص المعارك الحربية وقصص الإنقاذ والهروب. مثال الهروب الكبير , إنقاذ الجندي رايان
23- أفلام الغرب الأمريكي : Western
وتضم قصص الغرب القديم ورعاة البقر والهنود الأمريكيين. مثل : الطيب و الشرس و القبيح
24-الأفلام السوداء : Film Noir
غالبا ما تتناول موضوعات الجريمة المنظمة و فساد المجتمع و إنهياره القيمي و النقاد الفرنسيون هم الذين أطلقوا هذا التعبير علي هذه النوعية من الأفلام .و قد بدأت هذه الأفلام بموضوعات تتناول عصابات المافيا و الجريمة المنظمة مثل لمسة الشر Touch of Evil لأورسون ويلز , عدو المجتمع  Public Enemy ل وليم أ.وليم  ثم تطورت ما بعد حرب فيتنام لتصبح أفلاما تنقد المجتمع الأمريكي مثل سائق التاكسي Taxi Driver لمارتن سكوريسيزي و Chinatown لرومان بولانسكي , Falling Down السقوط لجول شوميكر و Fight club نادي الشغب لديفيد فينشر ...... و القائمة طويلة. و في مصر أرض الخوف لداوود عبد السيد  
25-أفلام المحاكاة الساخرة : ( Spoof (Parody Movies                                                     
و هي التي تسخر من أشهر الأفلام في قالب كوميدي و من أشهر المخرجين الذي إبتدعوا هذةه النوعية Mel Brooks في أفلام مثل  Young Frankenstein الذي يسخر فيه من أفلام الرعب و Men in tights  الذي يسخر من أفلام روبن هود.
26-أفلام الفنتازيا Fantasy Movies
أفلام الأساطير أو قصص الجن و السحرة و الحيوانات التي تتكلم و بلاد العجائب . ويظهر إختلافها عن أفلام الخيال العلمي في إنها لا تتعمد علي قاعدة علمية بل تعتمد علي القصص الشعبية و الأساطير القديمة و تلقي هذه النوعية من الأفلام نجاحا شديدا في العالم. مثل Harry Potter ,Alice in Wonderland ,Lord of the Rings  (سيد الخواتم) لص بغداد The thief of Baghdad

ثانياً : الفيلم التسجيلى (أو الوثائقية) Documentary
لا تتناول هذه الأفلام الوقائع الخيالية، بل تتعامل مع أحداث الحياة الحقيقية، والتي تشمل أشخاصا وأماكن وظروفا معينة. وإلي حد ما تعتبر الأفلام التسجيلية نوعاً من الأفلام في حد ذاته، بالرغم من أن شكلها وطريقة معالجتها تختلف كلياً عن الأفلام الروائية.
وفي صناعة الأفلام التسجيلية لا تستطيع أن تتدخل في الأحداث، وإلا سوف تتأثر نتيجة الحدث وتفقد مصداقيتها. وتغلب السرعة علي العاملين في هذه الصناعة بالإضافة إلي التكلفة المادية والتكنيكية البسيطة مقارنة بغيرها من الأفلام الروائية. وقد تقدمت الأفلام التسجيلية كثيراً في السنوات الماضية. ويحتوي هذا النوع علي بعض المستويات الفرعية، منها علي سبيل المثال وليس الحصر:
1- الحفريات  Archeology
2- الاقتصادية  Economic
3- التعليمية    Education
4- البيئية   Environment
5- العائلية    Family
6- الصحية   Health
7- التاريخية  History
8- حقوق الإنسان Human Rights
9- العدالة Justice
10- السياسية Politics
11- الدينية Religion
12- العلمية Science
13- الجنسية Sexuality
14- الاجتماعية Social

ثالثاً: االفيلم التجريبى Experimental
تعتبر الأفلام التجريبية من أنواع الأفلام العالية الخصوصية، والتي تشمل قدراً كبيراً من التجريد والرمزية. وهي تعتبر كالأفلام التسجيلية نوعاً قائماً بذاته علي الرغم من الاختلافات الجذرية بينها كالأفلام الروائية.
وفي الأفلام التجريبية، قد تكون معاني المشاهد أو الأفكار وحتى القصة نفسها غير واضحة للمتفرج. والممتع هنا هو أن المتفرج يتأرجح بين مختلف المشاعر، والأفكار لترك مساحة كبيرة للتفسيرات. لذا فإن المتفرج هنا يعمل علي قدم المساواة مع صانع الفيلم حتى يدرك معناه.
وتستخدم الأفلام التجريبية الكثير من الرمزية، فكما تؤثر الصور والأصوات علي الجانب الوجداني للمتفرج، يجب أن تلعب الرمزية دورها علي الجانب الفكري للمتفرج قبل العاطفي . لذلك تختار تلك العناصر الرمزية باهتمام خاص . ويجب أن تكون ملائمة للقصـة مهما بلغت درجة رمزيتها أو تجريدها.
وبسبب الطبيعة الغامضة والمؤثرة للأفلام التجريبية، فإن المتفرج غالباً ما يجد صعوبة بالغة في تخطي طبيعة ما اعتاد عليه في الأفلام الروائية والتسجيلية، إلى فهم المعني الرمزي للأفلام التجريبية. وفي الحقيقة تلقي الأفلام التجريبية متابعة ضعيفة مقارنة بالنوعين الآخرين.
ومن الأفلام التجريبية المعروفة السحر الخفي للبرجوازية لبونويل, ساتيركون لفلليني , العشاء العاري لكرونبرج و الرأس الممسوحة لديفيد لينش .
مصــادر السيناريو
Sources of Scenario
بادئ ذي بدء في حديثنا عن كتابة القصة السينمائية يجب أن نعلم بأنه لا جديد على الأرض وهناك قول مأثور يقول "لا جديد تحت الشمس".وعلى ذلك فيجب على الكاتب – في رحلة بحثه عن الأفكار السينمائية – أن يستلهمها من مصادر خارجية .. وقلما نجد من قام بتأسيس فكرة من لا شيء .والمصادر التي يستقي منها الكاتب فكرته كثيرة ومتنوعة وتظهر موهبة الكاتب في اختيار المصدر ثم الفكرة ثم تطويرها من خلال وجهة نظره الخاصة، وإضافة أبعاد جديدة لها مصداقاً للقول الشائع "بأن نبدأ من حيث انتهى الأولون".والفيلم الروائي كما نعلم يعتمد على القصة السينمائية , وهي بدورها تعتمد على الأفكار المختارة والمنتقاة من عدة مصادر متنوعة ، وسوف نتناولها بالتفصيل فيما يلي :
أولاً : الأعمـال الأدبية
وهي تعتبر من أهم المصادر التي يستلهم منها كاتب السيناريو أفكاره السينمائية. وتتنوع الأعمال الأدبية ما بين القصة القصيرة , أو الرواية الطويلة , أو النص الأدبي ,أو المسرحي , أو المقالات الأدبية الصغيرة.وأهم ما يصادف الكاتب عند إعداد سيناريو عن قصة أدبية أو رواية هو مشكلة الإختيار .. إختيار ماذا يأخذ منها وماذا يترك وكذلك ماذا يضيف وماذا يحذف.. وغالبا ما تكون المشكلة الرئيسية أمامه هي الشكل الأدبي البحت للقصة، (الشكل البنائي والأسلوبي). فلا يوجد وجه للمقارنة بين النص الأدبي والنص السينمائي، فالنص الأدبي يعتمد على استخدام الألفاظ في التعبير عن الأفكار والأحداث والوصف وكل شيء، كما للكاتب الروائي حرية خالصة في وضع أفكاره باستخدام ما شاء من الأوصاف والأفعال اللفظية. أما الكاتب السينمائي فهو مضطر إلى استخدام الصورة والحركة والصوت، وعليه أن يحول صفحات من الوصف اللفظي للمشاعر والأفكار إلى صورة متحركة حية.
وقد سئل نجيب محفوظ عن رأيه في مدى تعبير الأفلام المأخوذة عن رواياته عن أفكاره، فقال إن تحويل العمل الأدبي إلى سينما معناه أنه الآن يعبر عن صناع الفيلم وأفكارهم، لا عن أفكاره هو. ومن ثم فإن كاتب السيناريو، وإن استلهم أفكاره من نص أدبي، فهو لا يعتبر مجرد تابع لمؤلف النص يلتزم بحذافير قصته ولا يخرج عنها، وإنما له أن يستخدم ما شاء من الأفكار والصور المعبرة في إطار الشكل السينمائي. وعلى ذلك فيجب على الكاتب أن يقرأ العمل الأدبي بعقل مفتوح ويرى ما الذي يستهويه منه ويدون ملاحظاته وانطباعاته ويعاود القراءة مرة أخرى ويصحح ويحذف ويضيف لما كتبه. وعند الاطمئنان تماماً يقفل صفحات العمل الأدبي ولا يفتحها مرة أخرى كيلا تصبح رقيباً يعرقل خطواته وتحد من حريته، فليس على الكاتب أن يلتزم بالنص الأدبي وإنما يجب أن يلتزم بما أعجبه واستهواه، وما وجده مساعدا في الخروج بصورة معبرة وفيلم جيد، سواء كان ذلك في البناء القصصي أو الشخصيات أو المضمون أو البيئة أو الحوار. تمصير القصص الروائية الأجنبية:
قد يختار الكاتب عملاً أدبياً أجنبياً ويقوم بتحويله إلى نص عربي بالعامية المصرية، وهو ما يطلق عليه "تمصير" العمل الأدبي الأجنبي. والتحويل هنا لا يكون فقط بتغيير أسماء الأبطال وأماكن أحداث القصة، وانما باختيار الزمن المناسب للقصة وتغيير الأحداث الدرامية التي قد لا تتفق مع العادات والتقاليد المحلية.
ثانياً: التاريخ: يقول نابليون: "تعرف الأمم من تاريخها"، وقد تميزت مصر بتاريخ طويل ملئ بالأحداث السعيدة والأحداث السيئة .. لحظات الفوز وانكسارات الهزيمة .. ثورات وأعمال بطولية .. قصص من الفداء وقصص من الغدر والخيانة، وهذا يعطي للكاتب مادة دسمة في رحلة بحثه عن الفكرة عبر التاريخ المصري ويعطيه مجالاً أكبر في الاختيار.ويتحتم على الكاتب أن يجمع معلومات عن الزمان والمكان والأحداث ويبحث في المراجع والكتب للوقوف على الصورة الكاملة للحدث.وبالرغم من أن الأحداث التاريخية معروفة ومدونة بكل تفصيلاتها، إلا أن الكاتب قد يستطيع أن يعطي لها أبعاداً مختلفة حسب رؤيته الشخصية للحدث وحسب المنظور الذي يعالج الكاتب من خلاله هذا الحدث. القيود التي توضع على الكاتب عند الاقتباس من الأحداث التاريخية : ليست هناك قيود على الإبداع، ويمكن للكاتب أن يضيف أو يحذف ما قد يحس بأنه يخدم حبكته الفنية أو قصته السينمائية بشرط ألا يؤثر ذلك على منطقية الأحداث وتسلسلها – بمعنى أن الكاتب لا يستطيع تغيير التاريخ وإنما يمكن أن يركز في الحدث التاريخي على جزئية صغيرة ويبرزها دون النقل الصريح للأحداث التاريخية فقط . كما يمكن للكاتب أن يستعين بالأحداث التاريخية كأساس يبني عليه قصته التي يعالج فيها مشاكل الوقت الحالي وذلك مصداقاً للقول المأثور بأن "التاريخ يعيد نفسه". ثالثا: الأسطورة: الأساطير من المصادر الهامة للإبداع السينمائي، فهي تحوي الكثير من الأنماط الأساسية التي يعتمد عليها فن القص، مثل نمط الحب (قيس وليلى، روميو وجولييت)، نمط العودة (سنوحي)، نمط الانتقام (أوديب)، إلخ. بالإضافة إلى ما نجده فيها من خيال غني خصب، واحتوائها على إمكانية للولوج إلى مناطق رائعة من الإبداع. وربما تكون الأساطير غير واقعية، إلا أنها ترضي أذواق ومشاعر الكثيرين، فهي القصص التي نشأت عليها البشرية، ويميل الإنسان إلى استعادتها مرات حتى لو لم يصدقها. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يكون ما يبتدعه الكاتب من خياله له أصل قديم مأخوذ عن حوادث خرافية أو أساطير أو ملاحم توارثتها الأجيال .. مثل قصص آلهة الفراعنة أو أساطير بدء الخليقة وما شابه ذلك. وقد يستلهمه الكاتب في قصص متميزة مليئة بالرموز الهامة التي تشير إلى قضايا وأفكار عصرية. ويلجأ بعض الكتاب إلى تضمين الكثير من الأفكار التي يريدون قولها في الأساطير التي يمكن توسيع قماشتها لتتضمن الكثير. رابعا: الأحداث العامة: وهي الأحداث التي تنشر بالصحف اليومية والمجلات أو في الأخبار التليفزيونية , وهنا يكون على الكاتب أن يطلع على كل الأخبار والأحداث العامة أولاً بأول لكي يكون مواكبا للتطورات المؤثرة على مجتمعه. والأحداث العامة هي التي لا تخص أشخاصا بعينهم وإنما تحدث للمجتمع كله وتؤثر عليه، مثل الكوارث الطبيعية أو الاقتصادية أو الأحداث السياسية الهامة... وكذلك الأحداث الاجتماعية كصدور قوانين تعالج مسائل اجتماعية وغير ذلك.وهنا تكون مساحة الإبداع أكبر بالنسبة للكاتب فهو لا يعتمد في فكرته على الحدث فقط وإنما على رؤية المجتمع لذلك الحدث وتقبله له وتأثيره عليه.فإذا أخذنا مثالا زلزال القاهرة في التسعينيات , فيمكن للكاتب استغلال هذا الحدث العام في استنباط فكرة رئيسية تبني عليها عدة أفكار فرعية تمثل انطباعات وآراء عن هذا الحدث وتأثيراته على مجموعة من أفراد المجتمع. خامسا: المشاهدات اليومية المعاشة: من أهم سمات كاتب السيناريو قوة الملاحظة وقوة منطق التحليل .. ولذلك فإن الكاتب يستطيع استلهام أفكاره من مشاهداته اليومية أو الأحداث الخاصة به .. على أن يحاول التجرد من مشاعره الخاصة قدر الإمكان لأن حكمه في هذه الحالة سيكون مختلفاً عن حكم العامة من الناس.وعليه أن يقترب من موقع الأحداث ـ إذا كان حاضراً لها ـ وأن يسمع وجهات نظر المحيطين بالحدث ويراقب ردود أفعالهم ويقوم بتحليل تلك المشاهدات وتدوينها بعد ذلك.
ويفضل أن يدون الكاتب ـ في نوتة أو كشكول ـ بعضاً من مشاهداته اليومية أو الأحداث التي يعيشها أو كل ما يلفت نظره من غريب وطريف وذلك دون ترتيب أو تبويب أو اختيار.. ومع الزمن سيصبح لدى الكاتب أكثر من نوتة أو كشكول وعليه أن يقلب صفحاتها ويقرأ ما بها بين الحين والآخر، وسيجد فيها ذخيرة هائلة تفيده في عمله، وقد يجد نواة تصلح لعمل سينمائي جيد.
سادسا: االتجارب الذاتية:
يمكن الاقتباس من الحياة الخاصة للكاتب، ولكن يجب أن نأخذ في الاعتبار أنه مهما كان الحدث الشخصي في حياة الكاتب هاماً بالنسبة له فليس بالضرورة أن يكون هاماً لجمهور الناس، وعلى ذلك فالاقتباس من الحياة الشخصية للكاتب يجب أن يشمل ما يراه مؤثراً في المجتمع دون الانغماس في تفصيلات خاصة لا يرى أهميتها سوى الكاتب نفسه. ولابد أن تكتب التجربة الشخصية بحياد كامل، مع مراعاة الموضوعية وإظهار وجهات النظر المخالفة له.
سابعا: الخيال والفانتازيا :
قد تكون الأفكار خيالية وخارجة عن المألوف، وهو ما نسميه بالفانتازيا. ويمكن أن يحتوي هذا المصدر الكثير من الأفكار الرائعة والمختلفة، ومن هذا النوع أفلام مثل طرزان، ولكن أيضا يمكن أن يكون الخيال شديد الاقتراب من الواقع حتى يمكن أن يصدقه المتفرج. وبعض أفكار الفانتازيا تستمد من أصول واقعية أو تاريخية أو أسطورية، مع تطويرها وإدخال الخيال إليها بشكل يبعدها عن الأصل الذي استمدت منه.
وقد يكون الخيال علمياً وهو ما يبتدعه الكاتب معتمدا على أصل علمي موجود بالفعل وما يتخيله الكاتب من تطور يحدث لهذا الشئ.. مثل التطور في تكنولوجيا الحاسب الآلي التي تستغل في أفلام الفضاء وحرب الكواكب وما شابهها. ولكي تصل أفلام الخيال العلمي إلى المصداقية، تحتاج لكاتب على إلمام علمي حقيقي بالموضوعات التي يتناولها.
وقد يكون الخيال مزيجاً من الاثنين .. فالأصل العلمي موجود إلا أن التطور الذي يبتدعه الكاتب يكون خياليا.. مثل أفلام العودة بالزمن , أو السفر إلى المستقبل وما إلى ذلك.
وقد يبتدع الكاتب فكرة خيالية (فانتازيا) وهي الفكرة التي تعتمد على المبالغة الشديدة جدا، والتي ليس لها مثيل من حوادث وأشياء حقيقية تحدث في مجتمعنا .. مثل أفلام تصور معاناة الشعوب من حكامهم بشكل خيالي يخرج عن الحد الطبيعي. ويراعى الكاتب هنا تبرير ما يحدث من خيال بالشكل الذي يجعل جمهور المشاهدين يصدق ما يحدث ويعتبره حقيقياً.
ثامنا: مصادر أخرى:
"فاتت جنبنا أنا وهو .. وضحكت لنا أنا وهو .. أعرف منين أنها قصداني أنا مش هو..."
مطلع أغنية للعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ .. يتضح فيها الجانب التصويري أكثر من الجانب الأدبي الساكن. فقد تحتوي الأغنية أو القصيدة الشعرية على أحداث درامية وجوانب تصويرية يستلهم منها الكاتب أفكاره السينمائية.
وقد تأتي الفكرة من مثل شعبي أو سيره شعبية "اقلب القدرة على فمها تطلع البنت لأمها"، وهو مثل شعبي قامت عليه عدة أفلام سينمائية ووجد فيه كتاب كثيرون مادة غنية بالأفكار.
ولم تنته بعد مصادر الاقتباس .. فالحلم إذا جاء للكاتب قد يكون ملهماً .. والمكان الغريب قد يوحي بفكرة .. والأسم الطريف قد يكون كذلك.
وفي النهاية يكون على الكاتب ـ بعد اختياره للفكرة من أحد المصادر السابقة أو غيرها ـ أن يطورها وينقيها من الشوائب ويضيف ويحذف منها ما يكفل الموضوعية والتسلسل المنطقي حتى يصل بها الى صورتها النهائية التي تجعله يستطيع إيهام جمهور المشاهدين بتصديق ما يحدث أمامهم والتأثر به.

فكرة السيناريو
Concept
  الفكرة هي عبارة عن ملخص قصير يخبرنا ما هي القصة، وتوضح ماذا يريد البطل، وما يبغى تحقيقه. ولذلك فالفكرة هى الخطوة الأولى في عملية كتابة السيناريو.
وينقسم السيناريو من حيث الفكرة إلى نوعين:
النوع الأول : سيناريو يدور حول فكرة عظيمة، ومثل هذا السيناريو يعتمد على الحركة. وهذه القصص التي يمكن تلخيصها في عبارات قليلة، هي قصص فريدة وشديدة القابلية لدى الجمهور. وكل هذه العناصر يجب إظهارها في القصة لتكون فكرة فريدة، والجاذبية في الفكرة تختص بالقصة لا بالشخصيات ، لذا يجب أن يحتوي الملخص على أقل ما يمكن من وصف الشخصيات ، ولكن هذا لا يعني أن الشخصيات العظيمة لا يمكن تضمينها في الفكرة العظيمة. وأفلام ستيفن سبيلبرج تعتمد على الأفكار العظيمة، لكن شخصياتها محببة من الجمهور.
النوع الثانى : سيناريو يدور حول فكرة بسيطة , ومثل هذا السيناريو يعتمد على الشخصية. فالأفكار البسيطة تركز على الشخصيات لا على الأحداث، لأنها تدور حول تفاعل الشخصية، وردود أفعالها في المواقف المختلفة، والحوار هام لنجاح هذه الأفلام. وهذا النوع من الأفلام تمثل أقل من 25 % من القصص المعالجة سينمائيا. و أعمال وودي آلن ونجيب الريحاني تعتمد على الأفكار البسيطة .
ويعتبر إيجاد القصة العظيمة أسطورة سريعاً ما يدرك استحالتها مؤلفو السيناريو. فكل أنواع القصص تم تقديمها بشكل أو بآخر، والفيصل هنا هو محاولة إيجاد طريقة معالجة جديدة لنفس فكرة القصة الموجودة من قبل. وعلى سبيل المثال فيلم إي تي  الشهير لسبيلبيرج هو معالجة جديدة عصرية لقصة قديمة للغاية هي قصة "الجميلة والوحش"، وهنا يمثل الولد الصغير الفتاة الجميلة، أما الكائن الفضائي فيمثل الوحش، فالصبي يخشى الوحش حتى يكتشف أنه جدير بحبه، وحتى الرمز الخاص بالزهرة التي تسقط وريقاتها كلما تقدم الوقت جاء في الفيلم على هيئة النبات الذي يذبل كلما ساءت صحة إي تي.
تلخيص الفكرة : Synopsis إذا كان لديك موضوع لفيلم سينمائي، وإذا تمكنت من صوغ الموضوع في جمل قليلة على أساس الحدث الدرامي والشخصية، فهذه هي ملخص الفكرة المكتوبة والتي تصلح بداية للكتابة. وقد يستغرق الأمر كتابة صفحات عدة حول القصة قبل أن تتمكن من الإمساك بالعناصر الأساسية وتقليص هذا العدد الكبير من صفحات القصة إلى عبارة واحدة. وقد يستمد الكاتب الفكرة من صحيفة ,أو خبر تليفزيوني, أو حادث ما وقع لصديق أو قريب أو غيره. وكثير من الأفلام الرائعة والمشهورة كانت فكرتها الأصلية مستمدة من أحداث حقيقية ورغم بساطتها تحمل إمكانية أن تقول أشياء هامة. وما على كاتب السيناريو إلا أن يعطي نفسه الفرصة لإيجاد موضوعه، ثم يباشر فى البحث عن الحدث الدرامي والشخصية. وعندما يصبح قادرا على التعبير عن فكرته بإيجاز وبلغة الحدث والشخصية (إن قصتي تدور حول هذا الشخص في هذا المكان وهو يقوم بفعل "كذا وكذا" ) ، عندها يكون قد تلمس الطريق في التحضير للسيناريو الذي يكتبه، ويكون قد تمكن من الإمساك بالفكرة.
الفكرة والنوع Concept and Genre :
من أفضل الطرق لبناء معالجة جديدة للقصة هو التنويع في استخدام النوع والفكرة.
1-تغيير النوع : Change Genre
يعتبر تغيير النوع طريقة متميزة لخلق زاوية جديدة لقصة قديمة، وقد حول ستيفن سبيلبرج في إي تي القصة الفولكلورية القديمة إلى فيلم من أفلام الخيال العلمي.
2-إستخدام أكثر من نوع Use Multiple Genres :
يضفى استخدام أكثر من نوع على القصة القديمة لوناً جديداً . فالأنواع المتعددة تقدم أبعاداً أخرى للسيناريو من حيث إضافة أفكار ومواضيع جديدة. وهناك بعض الأنواع التي لم تعد تستطيع جذب اهتمام متفرج اليوم ، مثل أفلام الحب أو الرعب. لذا فإن إضافة أنواع متعددة في الفيلم يعوض عن النوع الضعيف مع إعطائه بعدا جديدا. وعلى الرغم من أن أفلام الحب مثلاً من الصعب أن تنجح بمفردها، إلا أنها تعتبر من أكثر الأنواع تأثيراً على الشاشة، ولذا يستخدم هذا النوع في إنجاح أنواع أخرى كما في أفلام الحرب والرعب .
تخطى توقع المتفرج :
من الضروري إذا أراد كاتب السيناريو تقديم رؤية جديدة للقصة فعليه أن يتابع ما تم عمله من الأفلام من قبل، وقراءة نصوص السيناريو والتي تشمل الكلاسيكيات، أو حتى الأفلام الفاشلة، الجديد منها والقديم. ومن خلال هذه المتابعة يسهل تحليل مكونات النوع للشخصية والحدث، ومعرفة الأسباب التي تستطيع بها بعض الكلاسيكيات أن تتجاوز وتتفوق على غيرها من نفس النوع. وسوف يساعد ذلك على فتح الطريق أمام قصة تتخطى توقع المتفرج.

القالب القصصي
Story Form
القالب القصصي هو الطريقة التي تتطور بها القصة Story من خلال الشخصية والحدث. والخطأ الأكثر شيوعاً في كتابة النص السينمائي هو كتابته أحادى الأبعاد. فالقصص التي تركز على الحدث فقط تميل لأن تكون سطحية، وتلك التي تركز على الشخصية فقط تميل لأن تكون مملة. لذا تعتبر أفضل القصص تلك التي تتفادى هذا الخطأ، وتقوم بتطوير حدث محدد واضح وشخصيات واقعية مركبة في نفس الوقت. فالعنصران معا يعتبران أساسيان للسيناريو من حيث جعله عميقا وممتعا . ومن أجل تحقيق هذا التوازن، لابد أن تنخرط الشخصية الرئيسية أو البطل في قصة ذات خطين، الأول يتعامل مع دافعه الخارجي، والآخريتعامل مع دافعه الداخلي. ويكتسب كلاً من هذين الدافعين حياة من خلال الصراع والفكرة.
الدافع الخارجي : Outer Motivation
الدافع الخارجي هو الهدف أو الرغبة التي يسعى البطل لتحقيقها، وهذا الهدف يجب أن يكون ملموساً وظاهراً ويعبر عن نفسه في فعل واضح. وليس من الضروري أن يكون الحدث مليئا بالحركة، ولكن المهم أن يكون واضحاً للمتفرج. ويصل الدافع الخارجي إلى الحل حين ينجح أو يفشل البطل في تحقيقه أو الوصول إليه.
والدافع الخارجي هو المعبر عن الفعل المادي في السيناريو، لذا فهو الذي يعطيه قيمته الامتاعية, فهو يدفع القصة إلى الأمام من خلال الاحتفاظ المستمر برغبة المتفرج في معرفة نتيجة هذا الدافع. وبدون دافع خارجي قوى تفقد القصة قوتها الدافعة وتعطى شعوراً بالملل.
الدافع الداخلي : Inner Motivation
يعبر الدافع الداخلي عن إحتياج البطل الداخلي، أو نقطة الضعف في شخصيته. ولا يكون البطل مدركاً لهذا الدافع بوضوح على الرغم من أنه هو الذي يتحكم في سلوكه السلبي تجاه نفسه، وتجاه الآخرين الذين يهتمون به. وقد يكون الدافع الداخلي مثلا على شكل شعور بالذنب أو طموح أو أنانية . ويحل هذا الدافع الداخلي أو يصل لنهايته حين يدركه البطل تماما ويتعداه.
وعادة ما يكون هذا الدافع الداخلي نتيجة خبرة معينة سيئة حدثت في ماضي البطل. ففي فيلم "اختيار صوفيا" يتغلب عليها الإحساس بالذنب حين تُرغم على الاختيار ما بين طفليها, أيهما يموت في غرف حريق النازي. ويدور الدافع الداخلي دائماً حول العلاقات وكيفية اكتشاف الشخصية والفكرة معاً.
الدافع الداخلي مقابل الدافع الخارجي:
على الرغم من أن الدافع الداخلي يعطى للقصة بعداً وعمقاً لأنه يكشف عن الشخصية وعن الفكرة، إلا انه يتقدم ببطء، ويعتمد كثيراً على الدافع الخارجي حتى يجذب المتفرج بالحركة المثيرة. ولهذا السبب يعتبر الدافع الخارجي "العمود الفقري للسيناريو".
الصـراع : Conflict
يتمثل الصراع  في التعارض بين الشخصيات. ويُِدفع البطل لأخذ موقف معين حين يُواجه بصراع. وكلما تقدمت القصة يجب أن يكون كل صراع أكثر تعقيداً وإثارة من سابقه . لذا يجب على البطل أن يطور أيضاً خطته للحركة حتى ينتصر في ذلك الصراع.
ويجب أن تحتوى كل من الخطوط الداخلية والخارجية للسيناريو على صراع ما. فتحتوى القصة الخارجية على صراع بين البطل والخصم الذي يمنعه من الوصول لهدفه. أما القصة الداخلية فتحتوى على صراع بين البطل وأحد حلفائه كحبيب أو صديق، والذي يحاول مساعدته في الوصول لهدفه. والقصة الداخلية هنا تضفى على الشخصية بعدا أكثر خصوصية وتعطيها عمقاً وواقعية.
وعلى سبيل المثال، في فيلم "الزوجة الثانية"، الدافع الخارجي للعمدة للزواج من فاطمة هو إنجاب وريث، أما الدافع الداخلي فهو إعجابه بها وكراهيته لامرأته، وقد استخدم هذا الدافع في الفيلم لدفع الصراع إلى أقصاه، خاصة حين قابلته عقبة أن فاطمة لا تريده، ليس فقط لأنها متزوجة، ولكن لأنها تحب زوجها أيضا.
وفي نفس الوقت، كانت القصص الداخلية للسيناريو تحتوي على صراعات فرعية تساهم في دفع الصراع الأساسي وتطور القصة: مثلا الصراع بين العمدة وزوجته، العلاقة المعقدة بين العمدة وأخيه، زوجة العمدة وزوجة الأخ، الحلاق أو المزين وعلاقته بكل ما يحدث، العمدة والفلاحين المنهوبين.. الخ، كل هذه الصراعات الفرعية أعطت القصة أبعادا عميقة وواقعية.
الدراما هي الصراع .. وبمعرفة دوافع الشخصيات، يمكن خلق العقبات أمام تحقيق تلك الدوافع، ويكون أساس القصة هو إظهار إلى أي مدى تستطيع الشخصية التغلب على تلك العقبات. فالصراع والنزاع وتجاوز العقبات كلها مقومات أساسية في الدراما قاطبة، وفي الكوميديا أيضا. وعلى كاتب السيناريو تقع مسئولية توليد الصراع الكافي لشد اهتمام المتفرج , وعلى القصة أن تتابع تطورها وتقدمها إلى الأمام بغية الوصول إلى الحل النهائي.
ويمكن للصراع أن يكون في شكل خلاف، تحدٍ، مرض، قرار، خطر أو عقبة. فهو يخلق نوعاً من التوتر والفضول لدي المتفرج تجاه نتيجة الصراع، لذا يدفع في اتجاه قصة ذات حركة ومثيرة. وهكذا نرى أن الصراع هو العنصر المؤثر الوحيد القادر على المحافظة على اهتمام وحماس المتفرج، فهو جوهر الدراما.
فكرة القصة : Theme
هي الفكرة المقدمة  والمعروضة في القصة. وعادة ما تكون عن معنى الحياة أو عن الظروف التي تحيط بالبشر. وتحتوى الفكرة ضمنياً على رأى كاتب السيناريو تجاه الموضوعات المعالجة في السيناريو. وكل الأفلام العظيمة كانت محاولة لاكتشاف وتطوير فكرة أو أكثر.
وتتطور الفكرة من خلال خطوط القصة الداخلية والتي تتعامل مع نمو الشخصية وتطور علاقاتها الخاصة. ففي البناء القصصي الجيد، يتجه الفعل للتركيز كلما يزداد الصراع، في حين تبدأ الفكرة في التمدد والوضوح حيث تُكتشف قيم البطل بوضوح ويتم اختبارها. وفي نفس الوقت، يجب الحذر من المباشرة في عرض الموضوع, فلو ظهرت الفكرة بشكل بالغ في الوضوح ومباشر ستعطى شعوراً بالافتعال. لذا يجب أن تكون الفكرة غير منطوقة ومعبرا عنها من خلال الفعل. وينبغي أن يكون أي استخدام للرمز أو الاستعارات أو الموتيفات منسوجا بإحكام داخل نسيج القصة. وتكون الفكرة في أقل تأثير لها حين يتم التعبير عنها من خلال الحوار المباشر بين الشخصيات.
آليـات السـرد ( الحكي): أولا: الحكي المتتابع (زمنيا) : Linear Storytelling ، والحكي غير المتتابع : Nonlinear Storytelling
استمع إلي أى شخص وهو يحكي قصة، استمع للطريقة التي تتطور بها قصته. ستجد أن معظم القصص تمشي في خط من البداية , للمنتصف , للنهاية. أى أن هناك مسار ما. ويمكننا تسمية هذا البناء، بالبناء السردي المتتابع زمنيا، لأن أحداث القصة تسير في تسلسل بحيث يتبع كل حدث, الحدث الذي يسبقه. وكل تطور جديد في القصة هو نتيجة لما سبقه.
ولكن ليست كل القصص بهذا النوع من البساطة. فكم مرة سمعت شخصا يقول : "آه نسيت أن أحكي جزءا هاما". فالقصص أيضاً يمكن أن تقدم وتؤخر في الزمان والمكان أحياناً لأسباب منطقية، وأحياناً أخري لأسباب غير منطقية لتحكي لنا أحداثاً لا غني عنها لفهم القصة. وفي هذه الطريقة من الحكي لا تتوالى الأحداث في خط زمني متسلسل. وعادة ما يربط بين أحداث القصة عامل مشترك، هو البطل أو الشخص الذي يحكي الحكاية. والإبقاء علي هذا الخيط المشترك أساسي للحفاظ علي وضوح القصة، سواء وقع الاختيار في رواية القصة علي شكل السرد المتتابع زمنيا أو غير المتتابع.
وفي صناعة السينما هناك العديد من الطرق لخلق القصص المروية بطريقة الحكي المتتابع زمنيا أو غير المتتابع. وبالرغم من قدرة التصوير والمونتاج، علي خلق هذا الإحساس بترتيب الأحداث بشكل متتابع، أو غير متتابع زمنيا، إلا أنها تتحدد بالأساس منذ البداية من خلال اختيارات كاتب السيناريو.
ثانيا: السرد أو التعليق : Narration
يعمل التعليق علي رسم التفاصيل التي لا تتضح بسهولة علي الشاشة مثل التاريخ أو خلفية القصة، ويمكن أن يتبع التعليق الترتيب الزمني للحدث، أي يسير بشكل تتابعي منطقي، يصل ما بين لحظة والتي تليها. أو يغاير الترتيب الزمني ، بحيث يعبر عن مشاعر وأفكار وذكريات لا ترتبط بشكل مباشر بما نراه أمامنا. وعادة ما يتم استخدم التعليق لمساعدة المتفرج علي فهم ما يدور في عقل البطل.
وفي السبعينيات والثمانينيات تجنب الكثير من كتاب السيناريو استخدام التعليق فقد رأوا فيه أسلوباً ينتقص من فكرة حكي القصة بأكثر الطرق المرئية قوة . فلماذا يقول للمتفرج بالكلام ما يدور في ذهن البطل إذا كان يمكن أن يجعله يراه ؟ ولكن في التسعينيات والعقد الأول من القرن الواحد والعشرين تم إحياء التعليق مرة أخري وأصبح مقبولاً بشكل أكبر رغم أن نجاحه مازال موضع جدل حاد.
ثالثا: العودة إلى الوراء  Flash Back  :
تعتبر تقنية "العودة إلى الوراء" أو الفلاش باك هي الشكل النمطي للحكي دون اتباع الترتيب الزمني للأحداث. ففي الرجوع يتوقف الحكي، ليتناول حدثا أو مجموعة أحداث حاسمة في رحلة البطل. وأحيانا يكون لحظة قصيرة، فيصبح "كالفلاش" بالفعل أو كالإضاءة الخاطفة. ولكنه قد يكون أطول بالطبع، ويتضمن سلسلة من الأحداث المترابطة. ويستخدم الفلاش باك في أغلب الأحوال لخلق شعور بالانتقال في الزمان والمكان في رحلة البطل.
رابعا : القفز إلي الأمام Flash forward هو عكس النوع السابق حيث يقطع التسلسل الزمني للأحداث قفزة إلي حدث مستقبلي و يستخدم هذا النوع  غالبا في أفلام الإثارة Thriller حيث يعطي المخرج للمتفرج لمحة عن ما سوف يحدث حتي يضعه في موقف المترقب. و قد بني المخرج دافيد فينشر فيلمه Twelve Monkeys علي هذا التكنيك .
وتعتمد كثير من الأفلام علي الجمع بين أشكال الحكي التي تتبع ترتيباً زمنياً للأحداث، وتلك التي لا تتبع مثل هذا الترتيب. واستخدام هذه الأشكال القصصية وغيرها من الأساليب لا يأتي اعتباطاً. بل يجب علي كاتب السيناريو أن يفهم كيف يستخدم هذه العناصر بمهارة حتى يحدد كيف يحكي قصته.
خامساً : الحـوار : Dialogue
هناك لحظات في السيناريو يصبح فيها ما يقال بالكلام هام جداً، فالحوار يدعم المحتوي البصري للمشهد ويدفع بالحدث للأمام. فإذا لم يحقق الحوار هذه الأهداف، ومهما كانت جودة كتابته، فإنه يكون معطلاً لحركة الفيلم وإيقاعه. وعند كتابة الحوار يجب أولاً أن يطرح كاتب السيناريو السؤال التالى : ما ضرورة هذا النص المنطوق لسرد القصة ؟ وهل الصمت يمكنه توصيل الفكرة بشكل أفضل ؟ فعندما يكون هناك حوار بين اثنين ليس بالضرورة أن يتكلما طوال الوقت . وبقدر الإمكان يجب التفكير في طرق مرئية للحوار ، غير استخدام الكلام. فإذا تقابل شخصان في الشارع وقال أحدهما "أهلا! كيف حالك ؟" ليس علي الآخر أن يقول بالضرورة أوتوماتيكيا "الحمد الله. وكيف حالك أنت ؟" بل لعله يتنهد فقط، أو يهز كتفيه، ومثل هذا التصرف يعطي إجابة لا تعتمد علي الكلمات ولكنها تقول الكثير في نفس الوقت.
والحوار الجيد هو الذي ينظم إيقاعات المشهد. فأي مشهد من مشاهد التحقيق علي سبيل المثال يتضمن تعذيب المتهم ثم اعترافه، له ثلاث وحدات إيقاعية. فهو يتحول من حالة في المشهد إلي حالة أخري ثم إلي حالة ثالثة. وتحديد وحدات الإيقاع، يساعد علي تحديد واتساق الهدف. وكل سطر من الحوار، يدفع بهدف المشهد إلي الأمام، حتى يحقق ما يسعى إليه.
ويتطلب الحوار أيضاً أن يأخذ الكاتب في اعتباره ما تريده كل شخصية، وكيف تحاول الوصول إلي ما تريده. فالسيناريو الذي يدور حول رجل يسعى بإصرار لتغيير حياة بلدته الصغيرة، يمكن أن يحتوي مشهداً في مطعم، يحكي فيه الرجل عن أحلامه لأحد أصدقائه. وقد يتضمن حوار هذا المشهد فقرات طويلة، يتحدث فيها البطل عما يتوق إليه. ولكن ربما يكون مثل هذا الاختيار يحتوي على معلومات أكثر من اللازم وأكثر مما نحتاج لمعرفته. وهناك اختيار آخر, هو أن يظهر صامتاً وأصدقاؤه يطرحون عليه الأسئلة التي لا يستطيع الإجابة عليها. والأختيار الثالث، هو أن يحاول التعبير عن أحلامه، ويحبطه في ذلك صديق له. وكل هذه الاختيارات يمكنها أن تكشف الكثير عن البطل، وعن المعوقات الموجودة في طريقه. ويمكن رسم صورة لهذا البطل، من خلال المزج بين الطرق المختلفة، في سلسلة من المشاهد التي تظهر فيها الشخصية وتقوم بأفعال وتأتي ردود أفعال من الآخرين.وكاتب السيناريو, هو الذي يحدد ترتيب هذه المشاهد, بهدف خلق أوضح صورة عما تريده هذه الشخصية، وعما يقف حائلاً دون تحقيقها ما تريد. وعن كيفية نجاح أو فشل باقي الشخصيات.

مقدمة
بمجرد اختيار الموضوع يستطيع كاتب السيناريو أن يبدأ في وضع الخطوط الأساسية للبناء , فيقوم بوضع تصور عام للشخصيات وتطور القصة وتصاعدها الدرامي. ثم يبدأ في معالجة تفاصيل كل جزئية من القصة واضعاً التصور العام السابق ذكره أمام عينيه. ويكون عليه في هذه المرحلة أن يتأكد من سلامة منطق الأفكار الأساسية المطروحة وكذلك من مدي قدرة هذه الأفكار علي اجتذاب الجمهور وإثارته.




بناء السيناريو
Structure
الواقع أن الفيلم السينمائي ما هو إلا وسيلة بصرية تجسد دراميا الخط الأساسي لقصة ما، وكبقية الأعمال القصصية فإن للفيلم بداية ووسطاً ونهاية. والبناء الدرامي هو ترتيب لأحداث وحلقات متصلة بشكل خطي متنامٍ، أو أحداث تدفع باتجاه حل درامي. وهذا الترتيب الخطي يعتمد على النموذج المذكور: البداية والوسط والنهاية.
ومن ثم، فالبناء في السيناريو هو تحديد وضع الأحداث في القصة، وعلاقة كل منها بالأخرى، مرتبة بشكل متنامٍ بحيث تدفع في اتجاه حل درامي. ,وهوالإطار الذي من خلاله يتم ربط الأحداث معا. وتشمل العناصر الأساسية لهذا البناء: نقاط الحبكة، ونقاط التحول الرئيسية ، والفصول.
Plot Pointsنقاط الحبكة:
حبكة القصة هي الإطار العام للحدث، ويجب أن يتضمن هذا الإطار شخصية أو شخصيات أساسية في موقف ما، وتسير الأحداث باتجاه التعقيد حيث تضطر الشخصيات للقيام بأشياء معينة، مما يؤدي إلى خلق سلسلة من الأزمات والمصاعب التي تزيد الأمور تعقيدا حتى تصل إلى الذروة الدرامية، وهي أكثر هذه الأزمات تعقيدا، وبعدها يبدأ خط الحبكة في الاتجاه نحو الحل.
ونقاط الحبكة هي المواضع التي تسهم في دفع القصة إلى الأمام. وتشمل كل التعقيدات، أو الأزمات والعقبات التي تواجه البطل، وتدفعه لاتخاذ موقف معين. وقد يأخذ موضع الحبكة شكل رد فعل لشخص، أو جزء من حوار، أو حدث، وقد يشمل مشهداً بأكمله . وأحياناً يكون موضع الحبكة إيجابيا، خاصة حين يتم تحضير البطل للسقوط.
ويؤثر ترتيب وتوقيت مواضع الحبكة علي دورها في تطور القصة. فالمواضع التي تُطور بإحكام وعناية تؤدي إلى سيناريو محكم، سريع الحركة. ومع تقدم النص، ينبغي أن تكون كل نقطة من نقاط الحبكة أكثر تعقيداً، وتشويقاً من سابقتها. ومن الأخطاء الشائعة في السيناريوهات أنه كلما تقدمت القصة تتباعد المواضع الرئيسية للحبكة. ويؤدي ذلك إلى إبطاء سرعة الفيلم، والذي يشعر به المتفرج علي الفور.
وأفضل طريقة لتجنب مواضع الحبكة الضعيفة أن يقوم كاتب السيناريو بالتفكير في نقاط كثيرة للحبكة، أكثر من احتياجه الفعلي، ثم يقوم بعد ذلك بتقييمها، وحذف ما يراه متكرراً أو ضد تصاعد الحدث. ويبحث معظم كاتبي السيناريو باستمرار عن مواضع حبكة مميزة وفريدة، غير أن معظم مواضع الحبكة قد تم عملها بشكل أو بآخر. إن الذي يكسب المشهد تفرده هو التأثير التراكمي الذي يكونه تجميع جزئيات أصغر بعناية، وفي ترتيب معين يعبر عن رؤيا جديدة. كما يجب أيضا أن تتميز مواضع الحبكة بالصدق بالنسبة لعالم النص، وألا تأتي عن طريق الصدفة. فالمتفرج لا يقبل بها مفتعلة وغير حقيقية، وسوف تؤدي إلى فشل القصة. ويمكن التعبير عن مواضع الحبكة "بالتطور"، أو "القوة الدافعة" في القصة.
أنماط الحبكة :
إن محاولة تصنيف الحبكة إلى أنماط معدودة قديمة قدم أفلاطون، ولهذا قال القدماء أنه لم تعد ثمة أفكار جديدة، لأن الأفكار لا تخرج عن عدد معين من الأنماط، وأن الإبداع الحقيقي إنما يتمثل في الشكل الذي يقدم به العمل.
وإذا حاولنا تصنيف أنواع الحبكة، سنجد أنها تشمل ما يلي:
1) نمط الحب: وتدور حول اثنين متحابين تفصل بينهما عقبات مختلفة.
2) نمط النجاح: شخص يحاول تحقيق النجاح في أمر ما، وينتهي بالنجاح أو الفشل في مسعاه.
3) نمط سندريلا: وهو نفس القصة القديمة لتحول القبيح إلى جميل، في أشكال عديدة، وأشهر هذه الأشكال قصص بيجماليون، والجميلة والوحش... الخ.
4) المثلث: ويتناول الغراميات المتبادلة لثلاثة أشخاص، ورغم أن هذا النمط من أنماط الحبكة كثيرا ما يبتذل في أفلام تافهة، إلا أنه لا يزال من الأنماط الشائعة، كما أن طريقة المعالجة يمكن أن تخلق فيلما رائعا، وقد قامت على هذا النمط أفلام تعتبر الآن من كلاسيكيات السينما، ونذكر منها على سبيل المثال فيلم "صراع في الميناء" بين فاتن حمامة وعمر الشريف وأحمد رمزي.
5) العودة: وهو أحد الأنماط الدرامية التي تدول حول عودة غائب، ابن ضال، أب غائب، زوج مفقود، وبالطبع من الأمثلة الشهيرة فيلم "لا وقت للدموع"، حيث تصل الأخبار بوفاة الضابط عمر على الجبهة، وبعد أن تمر سنوات تفاجأ البطلة اليائسة بعودة حبيبها، ولكن بعد فوات الأوان. كذلك فيلم "صراع في الميناء" يمكن أن نضمه أيضا إلى هذا النمط حيث يبدأ بعودة الابن الغائب التي تدفع أحداث الفيلم.
6) نمط الانتقام: وبداية من قصة الكونت دي مونت كريستو التي تم الاقتباس عنها في أكثر من فيلم، بدءا من فيلم أنور وجدي الشهير "أمير الظلام"، إلى فيلم "دائرة الانتقام"، كما لا ننسى الأفلام التي تروي عن الثأر في صعيد مصر، وغيرها.
7) التوبة: هذا النمط الذي يدور حول تخلي شخص شرير عن شخصيته الشريرة ليعود إلى الخير والفضيلة.
8) التضحية: وهو عكس الانتقام.
9) نمط العائلة: ومن أشهر أفلام هذا النمط في السينما العربية فيلم "إمبراطورية ميم"، ولا تندرج تحت هذا النمط القصص التي تدور بين أفراد عائلة واحدة فقط، وإنما يشمل أي جماعة ربطت بينها روابط الألفة بشكل ما.
نقاط التحول : Key Plot Points
نقطة التحول، هي نقطة من النقاط الرئيسية في الحبكة، والتي تؤثر بشدة على مسار القصة. ومن الناحية النظرية، تؤدي نقطة التحول إلى إثراء الإحساس الدرامي بالقصة، وزيادة إغراق المتفرج فيها. ومن نقاط التحول الرئيسية:
1- الحدث الملهم : Inciting Incident
يؤدي الحدث الملهم إلى البدء في القصة، والتعرف علي المحرك الخارجي للبطل (الهدف). فهو يعمل عمل "الصنارة" لجذب المتفرج. ويجب أن يكون هذا الحدث ذا طابع مميز، ومخططا له بعناية، وأن يكون حدثا كامل التطور. ويجب أن يكون في بداية السيناريو، عادة في الصفحات العشر الأولى منه.
وفي أحيان نادرة قد يأتي هذا الحدث المقصود في وقت لاحق في السيناريو. ويكون ذلك مطلوباً حين تكون هناك حاجة إلى تطوير خط القصة الثاني (الداخلي) لفهم الحدث المقصود بعد ذلك. وعلى سبيل المثال في فيلم "الطيور" Birds، تم بناء الحبكة لقصة الحب قبل حدوث الهجوم الأول لتأسيس العلاقات المركبة. وفي هذه الحالة، ينبغي أن يكون تأخير خط القصة الرئيسي بما لا يزيد عن الفترة الضرورية لتوصيل معلومات معينة للمتفرج أولاً.
2- لحظة الكشف : Revelation
أكثر نقاط التحول تأثيرا هي التي يطلق عليها لحظة "الكشف" Revelation . وهي لحظات الاكتشاف التي يصل إليها البطل وهو يعمل علي الوصول لهدفه. ويجب أن تكون كل لحظة كشف جديدة أكثر درامية من السابقة عليها، وتغير اتجاه فعل البطل بطريقة غير متوقعة بالنسبة للمتفرج.
3- الكشف الذاتي : Self Revelation
إحدى لحظات الكشف الأخيرة في السيناريو تتعلق بدافع البطل الداخلي، ويحدث ذلك عندما يدرك البطل نقطة ضعفه، وكيف تسبب الإيذاء له أو الآخرين المهتمين به. ويؤدي ذلك الإدراك إلى نمو في شخصية البطل، غالبا في اتجاه النضج. ولكن قد يحدث في بعض الأحيان أن يرفض البطل ذلك النضج. وغالباً ما تحدث عملية الكشف الذاتي Self-Revelation عن الدافع الداخلي للبطل قرب أو عند ذروة القصة فتساهم في حل الدافع الخارجي ووصول البطل لهدفه.
4- التضاد: Reversal
التضاد هو ازدواج بين موضعين للحبكة، أحدهما إيجابي والآخر سلبي، مما يثري القصة، ويساهم في إرباك المتفرج ويرفع من توقعاته لما في طريقه للحدوث. ويعتبر التضاد Reversal مفتاحا لمشاهد الحركة الجيدة، خاصة إذا استخدم في تعاقب سريع.
ويشبه كاتب السيناريو المعروف "شون بلاك" التضاد "بنكتة الأخبار السارة/السيئة". فمثلاً الخبر السار هو أن البطل نجح في الهروب من الأشرار، أما الخبر السيئ فهو أنه لا يستطيع الحفاظ علي توازنه، فيكون الخبر السار التالي هو انه استطاع تثبيت أقدامه واستعادة التوازن، ثم تهتز قدمه مرة أخرى بالفعل، وهكذا. وكثير من أفلام الحركة الشهيرة مبنية بهذه الطريقة. والتضاد المتعاقب في المعلومات قد يساهم في زيادة المحتوي الدرامي للقصة، غير أن القصة هنا تكون أكثر بطئاً.
5- القرار المصيري: Critical Decision
ومن مواضع الحبكة القوية الوقت الذي يُجبر فيه البطل علي اتخاذ قرار مصيري. ويجب أن يشعر المتفرج بأهمية هذا القرار وضرورته، ولابد أن يوحي بأن اتخاذه هو أمر ملح وعاجل. وعادة ما تكون لحظة الكشف الذاتي للدافع الداخلي للبطل مرتبطة بقرار مصيري، للتدليل على نضج الشخصية وتطورها.
6- اللحظة الانتقالية : Transcendental Moment
هي لحظة تكثيف للمشاعر لكل من الشخصيات والمتفرجين. وعادة ترتبط بفعل بطولي يقرب بين شخصيات متضادة. وتحدث هذه اللحظة في قلب مشهد مثير للانفعالات حتى يستدر مشاعر ودموع المتفرجين. وأغلب الكلاسيكيات الميلودرامية المصرية لا تخلو من مثل هذا المشهد، وأحيانا أكثر من مرة في الفيلم الواحد.
7- الذروة : Climax
الذروة Climax هي آخر نقطة تحول في الفيلم، وعادة ما تكون على شكل تضاد، ولكن يمكن أن تتخذ أشكالا أخرى. ويجب أن تلائم الذروة الإطار والمنطق العام للقصة، ولكن تظل في نفس الوقت علي عكس المتوقع. والهدف هنا هو إرضاء عاطفة المتفرج. والمفترض من الناحية النظرية أن يصل الخط الرئيسي للقصة مع الثانوي إلى لحظة الذروة معا، وفي مشهد واحد. فإذا لم يكن ممكناً الجمع بينهما في مشهد واحد، يمكن ترتيبهما في تتابع من الأقل أهمية إلى الأكثر أهمية، حيث تصل الخطوط الثانوية للذروة أولاً، ثم الخط الرئيسي.
8- ما بعد الذروة (التمخض) Anti climax
يحدث أحيانا بعد أن تصل أحداث الفيلم إلي ذروتها  و يتوقع المتفرج نهاية الفيلم أن يأتي حدث ما يهبط من الذروة إلي القاع و غالبا هو نتيجة للذروة  و يسمي Anti climax و كثيرا ما يوصف بالضعف إذا لم يكن مبررا وجوده بعد الذروة. فمثلا فيلم Bettlejuice لتيم بيرتون يمتلئ بالanticlimax  فكلما شعر المتفرج بأن الفيلم سوف ينتهي يجده يدخل منعطفا جديدا.
الفصول : Acts
الفصول هي الأقسام الرئيسية للقصة. والتقسيم النموذجي للسيناريو هو بناءه فى ثلاثة فصول. في الفصل الأول يتم تأسيس كل عناصر القصة الرئيسية، وهي تضم الشخصيات، والدافع الخارجي، والدافع الداخلي، والصراعات الرئيسية. وفي الفصل الثاني يقوم كاتب السيناريو بتطوير المواجهات الأولى بتقديم العقبات والتعقيدات التي تقف في طريق البطل، الذي يجد نفسه مضطرا لاتخاذ موقف . أما الفصل الثالث فالأحداث تتحرك صاعدة إلى الذروة فالحل. ولابد أن ينتهي كل فصل بذروة مع موضع حبكة رئيسي يدل على نقطة تحول في القصة.
وتعتبر بنية الفصول الثلاثة أداة تخطيط وتحكم تمدنا بثلاثة فوائد هامة: أولا، أنها تضمن تقدم الأحداث في سرعة مناسبة وبشكل منطقي وملائم. وثانيا، تساعد على منح المتفرج إحساسا بالدفع في الأحداث لأن مواضع الحبكة الرئيسية موضوعة بشكل استراتيجي . وأخيرا، إنها تقدم للكاتب خطة لكتابة السيناريو، لذلك فحبكة الثلاثة فصول تساعد على بقاء الكاتب والقصة كليهما على الطريق وعلى التقدم الى الأمام.
بنية الفصول الثلاثة:
كما ذكرنا، تتضمن البنية الشائع استخدامها في كتابة السيناريو ثلاث وحدات منفصلة أو ثلاثة فصول.
http://www.arabfilmtvschool.edu.eg/images/TheScenario/scr_struc_1.gif
وبالنظر للرسم البياني يمكن رؤية خط منحنى علي شكل قوس متصل. وهذا المنحنى يبلغ ذروة ثم ينخفض منحدراً مرة أخري. وهو تمثيل أمين لما يجب أن يكون عليه السيناريو حيث يجب أن تتدفق أحداث القصة بشكل متصاعد تدريجياً إلى أن تصل إلى نقطة ذروة أو عقدة وبعدها يأتي الحل والنهاية.
ويمكن تقسيم المنحنى علي النحو التالي :
نري في منتصف المنحنى, خطين قصيرين يتقاطعان مع المنحنى، وتوجد دائرتان، كل واحدة تقع على نقطة التقاء الخط بالمنحنى. وكل خط يقوم بتحديد نهاية فصل وبداية آخر. ونجد في هذا النموذج ثلاثة فصول. يقدم الفصل الأول البطل, والعالم، والرحلة التي يقوم بها البطل. وفي الفصل الثاني، يواجه البطل العراقيل، والتحديات، ويكون عليه تجاوزها وتحقيق هدفه النهائي. ويمثل الفصل الثالث حل الصراعات أو نهاية القصة أو الاثنين معاً.
أما الدوائر فهي تعبر عن محطات معينة في الحبكة. وهذه المحطات الرئيسية، أو نقاط التحول، هي تلك اللحظات التي تتغير فيها القصة بشكل حاسم، لا رجوع فيه، بحيث يستحيل علي البطل، أن يعيش بعد هذه اللحظة كما كان يعيش من قبل. وتتمثل تلك المحطات الرئيسية, في حدث هام أو لحظة كشف هامة، تحدد مصير البطل. ويمكن للسيناريو أن يتضمن اثنين، أو أكثر من نقاط التحول، ولكن غالباً ما يتم اختيار أكثر هذه النقاط أهمية، لتصبح أداة للربط بين بداية النص، ووسطه، ونهايته.
ورغم اختلاف الآراء حول الطول المناسب لكل فصل فإن معظم كتاب السيناريو، يسعون لكتابة فصل أول، قصير بقدر الإمكان، على أن يحتوي كل المعلومات الضرورية التي تدفع إلى بدء القصة، ثم فصل ثان طويل يحتوي كل الفيلم وما يدور فيه من صراعات، ثم فصل ثالث قصير يحتوي الحل ويساوي في طوله طول الفصل الأول وربما أقل.
وبالطبع يختلف كل سيناريو عن غيره من السيناريوهات. ولكن هذه مجرد إرشادات جيدة يجب أخذها في الاعتبار أثناء الكتابة. فطول الفيلم الروائي عادة هو من 100 إلى 110 صفحة، أي ساعتين إلا عشر دقائق، وهو ما يعني أن أول نقطة تحول في الحبكة، تقع بعد 30 دقيقة تقريبا، والثانية بعد 85 دقيقة.
الفصل الأول – التمهيد أو التأسيس Setup
يقوم الفصل الأول بتقديم البطل، والعالم، والرحلة. كما يصف لنا العقبات المتوقع أن تواجه البطل, الساعي إلى مصيره. ويجب أن يحتوي الفصل الأول على ملخص موجز للموقف الأساسي في القصة.
ولذلك تعتبر الصفحات العشر الأوائل في النص عادة أهم صفحات في السيناريو بأكمله، ولذلك تسمى "التأسيس"، أي وضع الأساس للفيلم والقصة والأبطال. فكل ما يشد المتفرج يكون في هذا الجزء. وبالتالي فإنه من الأهمية بمكان, أن يبدأ الكاتب في شرح عالم السيناريو بشكل جذاب بصريا. وإذا ما نجح في وصف هذا العالم, فإن يكون قد خطا خطواتٍ واسعة علي طريق وصف البطل وما يحركه. ويختتم الفصل الأول بأول نقطة تحول في الحبكة، حيث يتجه البطل إلى فهم جديد لرحلته أو إلى مكان جديد. ومن هنا يجب أن يبدأ الفصل الثاني من نقطة الانطلاق هذه في تطور متدرج للقصة.
الفصل الثاني- التحديات والعقبات
يمثل الفصل الثاني الجزء الأوسط من السيناريو. وهو أطول الفصول الثلاثة وأصعبها في مرحلة الكتابة، ففيه تتطور القصة، ويقابل البطل عقبات وتحديات جادة تقف في سبيل سعادته. ويصور هذا الفصل رحلة البطل أكثر من أي فصل آخر، وهو الجزء الذي يعطي الفيلم وزنه ومعناه. وحتى يتمكن كاتب السيناريو من الحفاظ علي الإيقاع السليم لهذا الجزء، فإن عليه أن يضع نصب عينيه الهدف الأساسي دائماً. كما أن عليه مراعاة ألا تكون الرحلة سهلة، لدرجة أن يمل المتفرج من إحساسه بأنه يعرف مسبقاً كل ما سيحدث. ولا أن تتضمن كافة أشكال العقبات الممكنة بحيث ترهق المتفرج بوطأتها، ومن هنا أهمية الحساب الدقيق للأحداث والتطورات. كما يجب مراعاة أن تكون الأحداث كلها نابعة من مواقف البطل في علاقته بالعالم. وكثير من كتاب السيناريو يقسمون هذا الفصل إلى جزأين لتسهيل التحكم في العمل.
ومن الضروري لضبط بناء الفصل الأوسط فهم الفرق بين العقبات التي تنجم عن نقطة ضعف البطل، وتلك التي لا يد له فيها، ولا يستطيع التحكم بها. فالكوارث الطبيعية مثلا وغيرها من الأحداث القدرية، لا يعلم بها غير الله، ولا يمكن للبطل توقعها قبل حدوثها. أما المحنة، فالمقصود بها سلسلة طويلة من المصاعب والمتاعب التي يتعرض لها البطل. ومواقف البطل وقراراته كما يوحي اسمها، هي اختيار يحدد اتجاه القصة. ولكل من هذه الأدوات مكانها في بناء السيناريو الذي تكتبه.
أما التحديات والعقبات فهي كل شيء يهدد تقدم البطل. وربما تكون صغيرة أو كبيرة، وقد يكون البطل نفسه المتسبب فيها, أو تكون السماء هي السبب. وفي الحكايات التي تتبع ترتيباً زمنياً, تتوالى نجاحات البطل في اجتياز تحدٍ يقوده إلى آخر. ويكون التحدي الأكبر هو مقياس لنجاح أو إخفاق البطل في رحلته النفسية. وهذه هي اللحظة التي نسميها عادة بالمحطة الثانية في الحبكة، أو نقطة التحول الثانية، وبداية الفصل الثالث.
الفصل الثالث- الحل
يقدم الفصل الثالث الحل لما يطرحه السيناريو من مشكلات وتحديات للبطل. فبحلول الفصل الثالث يكون البطل قد وصل إلى مراده من الرحلة، وهو ما لا يعني بالضرورة أن كل شيء أصبح علي ما يرام. ففي هذا الجزء من السيناريو يظهر لنا البطل في صورته النهائية، وقد اكتسب فهماً ما أو أعاد توازناً ما، أو أدرك استحالة استعادة التوازن مرة أخري.
ويحتوي الفصل الثالث على لحظة التنوير، وهي الكشف النهائي الذي يوضح نتيجة القصة، ويقدم حلا للموقف. ويجب أن نعرف أن مشهد النهاية في الفيلم ليس مجرد حل للمشاكل أو الأزمة التي يعبر عنها الفيلم، وإنما هو تعبير عن موقف من شيء ما، قد يكون موقفا من الحياة نفسها، وهو تعبير عن رأي ومواقف الكاتب، وصناع الفيلم كلهم.
توزيع مواضع الحبكة : Punctuating Plot Points
ينبغي أن ينتهي كل فصل (حتى الجزء الأول من الفصل الثاني) بنقطة تحول رئيسية تدفع القصة في اتجاه غير متوقع. ويمكن تحقيق ذلك بتعريض الدافع الخارجي للبطل للخطر حتى يجد نفسه مرغما على فعل مختلف تماما. ونحصل على هذا الفعل في الغالب باستخدام كشف أو تضاد. ومواضع الحبكة ذات التأثير تدفع القصة وترفع من متعة المتفرج وانتباهه.
البداية والنهاية : Beginning & Ending
يقال أنه "لكي تصنع فيلما أفضل، احرق أول بكرة". هذا القول يصور أهمية الوصول إلى الحادث الملهم بأسرع ما يمكن. والغالب أن يضمن الكتاب الجدد الكثير من المادة الاستهلالية في المشاهد القليلة الأولى، ولكن الواقع أن ما نحتاج إليه فعليا هو الخطوط العريضة للشخصيات الرئيسية. والهدف هو جذب المتفرجين وتوريطهم منذ البداية، وأفضل طريقة لذلك هو عمل حدث ملهم (ينطوي على صراع مثلا) يبدأ القصة ويحركها.
أما النهاية فيجب أن تكون متسقة مع القصة والشخصيات كما تم تطويرها، وينبغي أن يستطيع المتفرجون إدراكها بسرعة. وأفضل طريقة هو تمهيد الأرضية للذروة طوال الطريق أثناء رواية القصة. وهذا التأسيس سوف يساعد ويضمن أن تكون الذروة منطقية وليست مصطنعة.
ولابد أن تكون النهاية مشبعة للمتفرجين. وبشكل عام تكون النهايات التي تنتهي نهاية سعيدة ومؤثرة أفضل. وفيما بعد، تكون أفضل في بيع الفيلم. والمفترض أن تحتوي النهاية على صدى فكري.

الأساليب المختلفة للبناء
Structure Variations
يعتبر البناء في السيناريو هو العنصر الذي يقوده للنجاح، وقد كثرت الكتابة في هذا الموضوع في السنوات الماضية. فهناك العديد من المدارس المختلفة، والنقاشات الساخنة التي دارت حول الأساليب المختلفة للبناء في السيناريو.
فهناك مدرسة تؤكد علي أهمية البناء الثلاثي الفصول لنص السيناريو، مع وضع توقيت لمواضع الحبكة. وهناك مدرسة أخري تتخطي الأهمية الكبيرة التي تُعطي لهذا البناء الثلاثي، وتعطي الاهتمام الأكبر لمواضع وطبيعة الحبكة في السيناريو. ولكل مدرسة طابعها الجاذب المميز برغم الاختلافات.
والاختلاف بين هاتين المدرستين يشبه إلى حد كبير المقابلة بين ما يسمي بالطبيعة والتطبع في علم النفس، حيث يري بعض علماء النفس أن الطبيعة (الجينات) هي المسئولة عن تصرفات الإنسان، في حين يري البعض الآخر أن التطبع (البيئة) هو المسئول عن تلك التصرفات. وفي النهاية جرى الاتفاق علي أن كلا العاملين يلعبان دورا حيويا في تكوين الإنسان.
الاختلاف بين المدرستين في السيناريو يشبه إلى حد كبير تلك المقابلة في علم النفس. فعلي الرغم من أن لكل مدرسة لغتها الخاصة، إلا أن هناك الكثير من العناصر المشتركة فيما بينهما. بل يعمل كل منهما علي تكملة الآخر. ويجب علي كاتب السيناريو أن يحاول استخدام ما يحتاجه من وسائل وأفكار دون النظر لانتمائها إلى هذه المدرسة أو تلك ليتمكن من إخراج عمل متكامل.
وعموما يمكن أن يتنوع بناء السيناريو من خلال عدة طرق :
1- البناء المحكم والبناء المفتوح : Formulas vs. Open Structures
يمتاز البناء المحكم بالعناية المبالغ فيها لشكل بناء السيناريو، وفيه يصب كاتب السيناريو اهتمامه الرئيسي حول هدف القصة وترتيب المشاهد. وترتبط مواضع الحبكة مباشرة بالدافع الخارجي، وتستغله لأقصى درجة للوصول لأقوى تأثير لها. وتحتوى على قليل من المشاهد التي تعنى بتطور الشخصية، ولذا تميل الشخصيات للتسطيح، ويعتبر ذلك هو الضعف الأساسي في هذا البناء.
أما البناء المفتوح للسيناريو فهو على عكس البناء المحكم، حيث أنه أقل اهتماماً بالهدف والأحداث، وتكون مواضع الحبكة فيه أكثر ارتباطاً بالدافع الداخلي، وربما لا توضع إلا لاستكشاف الشخصية والفكرة والمزاج النفسـى للقصة. لذا يسير البناء المفتوح ببطء، مما قد يؤدى إلى إحباط بعض المتفرجين.
2- القصة متعددة الخطوط: Multiple story lines
يجب أولا أن نعرف أن الخيط الواحد Thread هو "قصة" صغيرة للغاية، ليس لها بناء خاص بها، ولا تطوير لخط قصصي حقيقي, وهي أكثر قليلا من الموتيفة. وأن القصة متعددة الخيوط هي القصة التى بها عدة قصص صغيرة تتصل ببعضها البعض بشكل ما، وتتداخل عن طريق علاقات الأبطال ببعضهم البعض وعن طريق ارتباط الخيوط ببعضها بشكل متراكب ومعقد. وكلما كانت الخيوط في القصة أكثر تداخلا، كلما كان البناء أقوى.
ويتعامل الخط الأساسي للقصة مع الشخصية الرئيسية (البطل) ، لذا فهو يسيطر عليها . أما في بناء القصة المركبة، فيمكن إدخال أكثر من خطوط ثانوية للأحداث secondary story lines لتطوير شخصيات ثانوية بجانب الشخصيات الرئيسية. وفى أحوال نادرة يمكن أن يكون هناك عدة خطوط رئيسية للقصة بنفس الأهمية، وبدون أن يسيطر خط رئيسي على الآخر.
والواقع أن نصوص السيناريو المميزة يتم تطويرها من خلال الخط الثاني للقصة. فهي التي تضفى على القصة عمقها ورؤيتها الخاصة، وتجعل النص عموماً أقل تمحوراً حول الهدف. ويهتم خط القصة الثانوي بالعلاقات الشخصية، لذا فهو يعتبر طريقة قوية للتعرف على الفكرة الرئيسية في القصة. وعادة ما تدور تلك القصص حول الصداقة أو الحب.
والخطوط الثانوية للقصة يتم بناؤها بنية نموذجية من ثلاثة فصول مثل الخط الرئيسي، وليس ضروريا أن تتزامن فصولها مع فصول الخط الرئيسي. وبتعبير آخر، يمكن لهذا الخط أن يتطور ويصل إلى الذروة والحل بشكل منفصل عن الخط الرئيسي للقصة. أما إذا كان خط القصة الثانوي صغيراً، فمن غير الضروري أن يكون بناؤه ثلاثي الفصول، ولكن يجب أن يكون له عدد من مواضع الحبكة الواضحة والمحددة بما يكفي لعرض القصة.
وفى الأحوال التي يوجد بها عدة شخصيات رئيسية، يجب أن تطور كل شخصية بصورة مستقلة ومتكاملة، وأن يحتوى كل منها على دافع خارجي وداخلي. ومن الطرق المشوقة للتعامل مع نوع القصص الذي يحتوى على أكثر من شخصية رئيسية أن تبنى القصة في بدايتها على فكرة التبادل بين الشخصيات، بمعنى أن تحصل كل شخصية على عدد معين من المشاهد يُبدل فيما بينهم.
لذا يجب، في القصص التي تحتوى على خطوط متعددة، أن يبنى كل خط بصورة مستقلة للتأكيد على وضوحه، ولكن في ذات الوقت يجب أن يتم التبادل بين تلك الخطوط للحصول على قصة مترابطة واحدة. وهناك سيناريوهات كثيرة إستعملت تكنيك ال ensemble حيث تروي الأفلام قصص عديدة لأشخاص قد تربطهم علاقة واهية جدا . فمثلا هم سكان لوس أنجلوس في فيلم shortcuts لروبرت ألتمان , أو فيلم  Bug  لفيل هاي حيث يجمع الأبطال في النهاية قدر واحد (هو ركوب طائرة سوف تسقط و إن كان الفيلم لا يظهر الحادثة ) ,وطوال الفيلم لا تجد علاقة واحدة تجمع الأبطال الرئييسيين ببعض.
   



توجيه المتفرج
Audience Orientation
المقصود بتوجيه المتفرج هو الكيفية التي يتم التحكم بها فى المتفرج بحيث تتحرك عيناه ومشاعره وانفعالاته مع عالم القصة وهي تتكشف أمامه.
وجهة النظر:Point of View
هى وجهة النظر التي يراد للمتفرج أن يستقبل منها القصة ، وهناك احتمالان  :
1- وجهة نظر ذاتية : Subjective Point of View
عندما تكتب المشاهد من وجهة نظر ذاتية ، فإن المتفرج يتلقى أية معلومات جديدة من وجهة نظر البطل. ومن ثم ينبغي أن يظهر البطل في كل هذه المشاهد، ويعبر الروائيون عن وجهة النظر الذاتية بأنها المعروضة بضمير المتكلم First person point of view.
2- وجهة نظر موضوعية : Objective Point of View
عندما تكتب المشاهد من خلال وجهة نظر موضوعية ، فإن المتفرج يتلقى أية معلومات جديدة عن غير طريق البطل. ويعبر الروائيون عن تلك النظرة الموضوعية بأنها المعروضة بضمير الغائب Third person point of view.
ويمكن أن يكون لنص السيناريو وجهة نظر أساسية، فإذا كانت وجهة النظر ذاتية، أي تلك التي تعرض من خلال البطل، عندها يظهر البطل في كل مشهد. وحين تكون موضوعية، تصل للمتفرج أفكار القصة سواء كان البطل موجودا في المشهد أم لا.
نقطة الهجوم : Point of Attack
هي النقطة الزمنية التي يبدأ منها الفيلم. وينبغي أن تتأخر نقطة الهجوم في الاستهلال قدر الإمكان. وهي في العادة نقطة التحول التي تأتي في ذروة الفصل الأول. ويمكن التبكير بنقطة الهجوم، إذا كان الصراع قادرا على الاحتفاظ باهتمام المتفرجين بطريقة سرد القصة، ولكن نادرا ما يحدث ذلك.
السرعة : Pace
السرعة هي الأحساس بالحركة داخل القصة. ويجب أن يحتوى نص السيناريو دائما على قوة دافعة إلى الأمام. وتتحدد السرعة في نقطة محددة من النص من خلال أهداف المشهد. وعادة يؤدي تطور الشخصيات إلى الإبطاء من حركة هذا النص، بينما تؤدى المشاهد التي تحتوى على حركة مكثفة أو مشوقة إلى ذيادة السرعة . فهي مسألة تبادلية.
الإيقاع : Rhythm
هو النبض الذي يشعر به المتفرج نتيجة المتغيرات التي تحدث داخل القصة. ويمكن أن يصبح الفيلم رتيبا مملا، إذا ما ظل على نفس الدرجة من إيقاع الحركة، حتى لو كانت الحركة سريعة ومكثفة طوال الفيلم، لذا يجب أن يشعر المتفرج بإيقاع محدد لخلق التنوع. وفي الأمثلة التالية للقطع بين المشاهد، يولد التغير من مشهد إلى مشهد آخر إيقاعا خاصا ويساهم في النبض العام للفيلم .
· من مشهد طويل إلى قصير
· من مشهد سريع إلى مشهد بطيء
· من مشهد به حوار إلى مشهد غير حواري
· من ليل إلى نهار
· من تصوير داخلي إلى خارجي
· من جلسات حميمية إلى جلسات رسمية
الجو الانفعالي : Tone
قد يتنوع الجو الانفعالي العام للقصة، من الحزن الشديد ، إلى السرور، أو الى الرعب المخيف , ويتوقف هذا على موضوع القصة نفسها ، والمزاج العام وجو السيناريو. ويجب أن يحدد الجو العام مبكرا أثناء عملية الكتابة، وأن يظهر سريعا في القصة.

المشهد
Scene
المشهد هو وحدة درامية تغطى مساحة زمنية معينة، ومكانا معينا. ويمكن أن يتكون من لقطة واحدة أو عدة لقطات. ويقسم كُتاب السيناريو نص السيناريو إلى مشاهد، كما يقسم الروائيون أعمالهم إلى فصول. فالمشاهد هي الوحدات البنائية للنص. ولا تستغرق معظم المشاهد أكثر من دقيقتين إلى ثلاث، وإلا أصبحت الصورة مكررة، ومملة للمتفرج. وعموماً تصل نصوص السيناريو إلى 120 صفحة، مما يعنى أنها تحتوى من 40 إلى 60 مشهدا.
وفي اختيار الكاتب للمكان يجب أن يراعي معالمه ومدى ارتباطه بالمشهد وبالفيلم ككل، ثم محاولة استغلال المؤثرات الموجودة في المكان بشكل فعال في المشهد. وكذلك يجب عليه أن يحاول أن يكون زمن المشهد مناسبا، وألا يطول بشكل يثير الملل، أو يقصر بشكل يجعل الأحداث مبهمة.
ويجب أن يؤخذ في الاعتبار عند كتابة مشهد فى السيناريو أن يسمح لخيال المتفرج بأن يشارك في أحداثه بقدر الإمكان , وهو ما يحدث حين تترك بعض الأمور غامضة، وغير مجاب عليها داخله . بالأضافة الى أنه على الكاتب أن يزرع في المشهد الدائر بذور المشهد التالي، حتى يتم طواله الاحتفاظ بمتابعة واهتمام المتفرج.
أهداف المشهد :
الهدف الأول للمشهد هو دفع القصة إلى الأمام بطريقة ما. وعموماً يلعب المشهد دوراً مزدوجاً، من حيث دفع القصة للأمام، وتحقيق أهداف ثانوية في نفس الوقت، كتطوير الشخصية، أو لغرض الفكاهة، أو نقل الحالة المزاجية. ويجب أن يحقق المشهد أكبر قدر ممكن من الأهداف لتعميق اندماج المتفرج فيه.
وخلال تحقيق المشهد لأهدافه، يجب أن يكون الفعل الدرامي صادقاً وحقيقياً، دون أي افتعال. وبتعبير آخر، يجب أن يتسق الفعل مع الشخصيات والعلاقات في القصة. ويمكن أن نعرف الفعل المفتعل بأنه يحدث صدفة، أو يصعب تصديقه. وكثيراً ما تقع في هذا الخطأ المشاهد التي تحضر لحدث سيأتي متأخراً في القصة.
بناء المشهد :
يمكن أن نعتبر المشهد كقصة صغيرة، لذا يمكن استخدام معظم القواعد التي تستخدم لتصميم نص السيناريو ككل لتصميم المشهد أيضا، ويتضمن ذلك: البناء ثلاثي الفصول، ووجهة النظر، ونقطة الهجوم.
فالمشهد يُصمم كقصة صغيرة لها بداية، ووسط، ونهاية. وللحصول على قوة الدفع المطلوبة لتسير القصة للأمام، ينبغي أن تكون هناك نقلات محددة في المشهد، وتلك هي مهمة البناء الثلاثي الفصول.
ويجب عند تصميم المشهد أن يؤخذ في الاعتبار أهداف المشهد من خلال الهدف العام للقصة ككل، وأهداف الشخصيات في المشهد، والإيقاع الذي ينتج عن تغير المعطيات من مشهد لآخر.
وجهة نظر المشهد :
وجهة النظر هي تلك التي يوجه إليها المتفرج خلال سرد القصة أمامه. فالمتفرج يرى القصة مكانيا spatial من وجهتين: وجهة نظر البطل (وجهة نظر ذاتية)، أو بطريقة مستقلة عن البطل (وجهة نظر موضوعية).
وعند كتابة المشاهد منفردة، يمكن أن نوسع من هذا التعريف ليتضمن وجهات النظر الزمانية والنفسية أيضا. وهذا يمنحنا اختيارات مثيرة يمكن أن نضعها في اعتبارنا أثناء الكتابة: ومثلا لدينا اختيارات الإيقاع الزمني (ماضي/حاضر/مستقبل)، أو الوجهة النفسية لمشهد (واقعي أو فانتازيا أو من الذاكرة).
بداية المشهد :
تتحدد بداية المشهد ونهايته بتغير المكان أو الزمان، فمهما جرت فيه من أحداث أو دخول أو خروج للشخصيات لا يعتبر أيا من ذلك علامة على بداية أو نهاية المشهد. ولكن بمجرد أن يتغير المكان إلى مكان آخر حتى لو في نفس الوقت، أو إذا تغير الوقت من المساء إلى الصباح أو بعد يوم أو أسبوع أو أي فاصل زمني، حتى لو في نفس المكان، فإن ذلك يعتبر بداية لمشهد جديد.
ويجب أن تأتى نقطة الهجوم في المشهد، التي يأخذ الحدث مساره عندها، متأخرة بقدر الإمكان، وذلك للمحافظة على تطور القصة للأمام. وقد يكون على المتفرج أن يستنتج بعض الاستنتاجات السريعة نتيجة لذلك التأخر، مما قد يكون مفيداً أيضاً على مستوى مشاركة المتفرج في المشهد وارتباطه به.
نهاية المشهد :
يجب أن ينتهي المشهد فور تحقيقه لأهدافه المحددة له. وأي تأخير هنا قد يؤدى إلى فقد انتباه المتفرج. وكيفية إنهاء المشهد في غاية الأهمية، حيث أنها تحضر المتفرج للمشهد التالي. ويجب أن ينتهي المشهد وقد حُلت بعض القضايا، ولكن بقيت قضايا أخرى دون حل، وتلك الأخيرة هي التي تحافظ على انتباه المتفرج وتطلعه إلى الحل.
التحول في ميزان القوة :
يحدث في المشاهد المؤثرة تحول في موازين القوى بين البطل وإحدى الشخصيات الهامة، وهي الخصم في الغالب. وقد يكون هذا التحول إيجابياً أو سلبياً، أي إما في صالح البطل أو في صالح الشرير. وأحياناً ما يكون ذلك طريقة جيدة لخلق مشهد ديناميكي.
التبادل بين المشاهد :
عادة ما يحب المتفرج المشاهد التي بها حركة عالية، ولكن لا يمكن أن تحتوى كل المشاهد على ذلك المستوى من الطاقة. فكثير من المشاهد لها مستوى مستقر من الفعل الحركي والدرامي. ومن المفترض أن تكون لتلك المشاهد المستقرة قدرة كافية على جذب اهتمام المتفرج. ولكن إذا ما تتابعت مشاهد كثيرة منخفضة الحركة، فيمكن أن تسير سرعة القصة ببطء بالغ.
ويفضل في هذه الحالة، أن يحدث تبادل ما بين المشاهد ذات الطاقة العالية، وتلك الأقل طاقة. ويجب أن يتم التأكد أولاً من أن المشاهد ذات الطاقة المنخفضة بها حركة قليلة بالفعل، وليست مجرد مشاهد مملة، يمكن الاستغناء عنها. أما المشاهد المملة التي لا تقدم جديدا إلى القصة فيجب الاستغناء عنها بدون تردد.
الفصول والمشاهد الثانوية :
يعتبر استخدام الفصول والمشاهد الثانوية من الطرق الجيدة لتطوير حركة طويلة للمشهد. والمقصود بالفصول مجموعة من المشاهد التي تربط فيما بينها علاقة. وعلى سبيل المثال في فيلم "صائد الغزلان" The Deer Hunter، يتكون حفل الزفاف الطويل من عدة مشاهد تغطي شخصيات مختلفة وأجزاء مختلفة من الحركة، منها مشهد البار، ومشهد الرقص، ومشهد تبادل الأنخاب، وسباق السكارى.
أما المشهد الثانوي فهو جزء من مشهد طويل. وترجع جذور ذلك الأسلوب إلى شكسبير، حيث يبدأ المشهد بمجموعة من الشخصيات، ثم تبدأ كل شخصية في المغادرة، ويبدأ المشهد الثانوي بالشخصيات الباقية. ويمكن أن يستخدم ذلك التكنيك أيضاً بالعكس. ولا يقوم الكاتب بتحديد الفصول أو المشاهد الثانوية في نص السيناريو، ولكن المتفرج يشعر بها خلال سرد القصة. وتكمن قيمتها الحقيقية في المساعدة على استيعاب وتطوير تدفق الحركة لمدة طويلة في المشهد.



الشخصية
مقدمة
في مرحلة المسودة الأولية تتمثل مهمة كاتب السيناريو في بث الحياة في الكلمات الموجودة علي الورق. ولعل استخدام اللهجات المحلية وتحديد طريقة الكلام المميزة لكل شخصية يكون مفيداً خلال هذه المرحلة. وقبل البدء في المسودة عليه أن يرسم خريطة بالخطوط الأساسية للقصة. فهذا يحدد أنماط تطورالعلاقات بين الشخصيات ويكشف نقاط قوتها وضعفها. ثم يختار عناصر القصة التي سوف تتصدر الفيلم. وبمجرد اكتمالها يمكن وضع خريطة القصة جانباً ويبدأ في كتابة النص.

البطل والخصم
تتساوى الشخصيات المؤثرة في أهميتها مع الحبكة القوية للسيناريو. ويجب أن تتضمن القصص الناجحة على الأقل بطلا protagonist , وخصما opponent .
البطل :  Protagonist
الهدف الدرامي من شخصية البطل هو تزويد الجمهور بنافذة يطل منها على القصة ، وبشخصية يمكن الاندماج معها  ورؤية عالم القصة من خلال عيونها. ويقوم القصاصون بعمل ذلك من خلال ما يطلق عليه الأمريكيون التأصيل أو "التجذير" أي إعطاء شخصيات أبطالهم مزيجا من الخواص الإنسانية الكلية والصفات المتفردة ، وكأية شخصية حقيقية لا يجب أن تقتصر الشخصية الروائية على خاصية واحدة ، وإنما تتكون من مزيد متفرد من الخواص والدوافع التي قد يتعارض بعضها مع بعض ، وكلما ازداد تعارضها كلما كان ذلك أفضل . وعادة ما ترتبط فكرة البطل بالتضحية بالذات ، فالبطل هو الشخص الذي يضحي طواعية باحتياجاته من أجل الآخرين ، تماما مثل الراعي الصالح الذي يضحي من أجل خدمة وحماية قطيعه . ومن الوظائف القصصية الأخرى للبطل التعلم والنمو، وبمعنى أشمل: التغير. ووظيفة ثالثة هي الفعل أو بالأصح القدرة على الفعل المحدد الذي يتطلب أقصى قدر من المخاطرة والمسئولية . ويتحكم في تصرفات البطل دافعان رئيسيان: دافع داخلي ودافع خارجي، وينتج عن ذلك خطان دراميان منفصلان، وإن كانا متصلين.
والدافع الخارجي هو الهدف الذي يسعى البطل إليه، وتعلن عنه الأفعال المادية. ويصل هذا الدافع إلى مرحلة الحل عند نهاية القصة عندما ينجح البطل ، أو يفشل في تحقيقه . وفي فيلم "آيس كريم في جليم" كان الدافع الخارجي للبطل هو أن يغني بشكل احترافي ومحترم في نفس الوقت. والهدف الخارجي القوي يدفع العمل السينمائي إلى الأمام ويكسبه قيمة المتعة والقوة الدافعة.
أما الدافع الداخلي فهو الحاجة الكامنة في لاوعي البطل أو لاشعوره . وعادة ما يكون هذا الدافع نوعا من الأنانية أو الكبرياء أو الشعور بالذنب ، ويتسبب هذا الدافع في مشاكل للبطل ولمن يحبونه في العمل الدرامي. ويكون هذا الدافع ناشئا عن حدث في الماضي أثر في التكوين النفسي للبطل. وفي فيلم "الكيت كات" كانت شخصية الشيخ حسني (محمود عبد العزيز) تنطوي على دافع داخلي هو إثبات أنه ليس أعمى، أو أن العمى الحقيقي ليس عضويا. فالكثير من أبناء المجتمع حوله أكثر منه عمىً، إذ لا يرون حقائق الحياة حولهم.
ويصل الخط الداخلي إلى الحل عندما يكتشف البطل أحاسيسه أو حاجته الداخلية ويتغلب عليها. لقد انكشف لنا هذا الخط في فيلم "الكيت كات" عندما اكتشفنا ، مع كل أبطال الفيلم ، أن الكثير من أبناء المجتمع حول الشيخ حسني أكثر منه عمىً. وتضيف القصة الداخلية عمقا للشخصية وقوة فكرية للقصة . وهي السر وراء تفوق العمل .
نمو الشخصية : وهى العملية التي يتحقق بها البطل ويتغلب على الضعف الشخصي لديه. وعندما تنمو شخصية ما، يتغير رأيها في الحياة وفي الذات. وهذا التغير يشار إليه عادة بمصطلح "منحنى الشخصية" character arc . ويمكن أن ينقل النمو إلى الجمهور عبر عمل بطولي ، أو بضع كلمات بسيطة ، أو حتى إيماءة ذكية أو إشارة ماهرة . وعلى سبيل المثال، في فيلم "الشبح" Ghost ، يتمكن سام أخيرا من قول "أحبك" بدلا من الكلمات التي لا معنى لها . وأحيانا يمكن أن تعبر الشخصية عن هذا النمو بالكلمات ، كما في فيلم "إنها حياة رائعة" ، لكن إذا لم يتم تناول الموقف ببراعة يمكن أن تبدو الكلمات نوعا من المواعظ والخطب . ومن الطرق المؤثرة في الأعلان عن نمو البطل هو تخليه عن رغباته في سبيل التغلب على موطن ضعفه الشخصي .
وفي بعض الحالات يكون نمو الشخصية سلبيا لا إيجابيا . وعلى سبيل المثال في فيلم "الأب الروحي" ، تنمو شخصية ميشيل لتتحول إلى شخصية مدمرة. ومن الممكن أيضا أن لا يحدث أي نمو للشخصية . فالأبطال في بعض أفلام الآكشن لا يحدث لهم أي نمو. كما فى أفلام جيمس بوند مثلا. والواقع أن نمو الشخصية يخلق خبرة أعمق لدى المتفرج ، ولهذا فإن أي نوع وأي قدر من النمو أفضل من لا شيء . البطل والعالـم والرحلـة : خلق البطل : البطل هو الشخصية الأساسية في أي دراما. والشخصية لا تكتمل إلا من خلال الأحداث التي تقع علي مدار القصة . وربما تتطلب عملية خلق البطل صعوبات بالغة، وربما تتم علي العكس من ذلك في سهولة ويسر. فأحياناً ما تأتي الشخصية كاملة من كل ناحية لتقول لك "ها أنا ذا". وفي أحيان أخري تفر الشخصيات من يد الكاتب, فيطول الوقت الذي يستغرقه ليجعل منها شخصية واقعية, أو تنقلب في غمضة عين إلي شخصية مملة بلا جاذبية. فخلق بطل جيد تماما مثل تربية طفل, عملية تحتاج لكثير من الحب والعطاء وسعي دائم لتحقيق العمل المطلوب. ويري بعض كتاب السيناريو أن أسهل طريقة لخلق بطل هو تخيله في موضع اتخاذ قرار. في حين يري آخرون أن تخيل البطل في علاقته مع غيره من الشخصيات يكشف الكثير عن طبيعته. ويعتمد كتاب آخرون علي البطل نفسه, فيعطونه الفرصة في الحديث المباشر للمتفرج للتعبير عما يجول بخاطره . وكلها طرق مقبولة لخلق بطل ولكن لا يمكن الاكتفاء باستخدام أسلوب واحد منها دون الأساليب الأخرى. ويظل الطريق الوحيد لمعرفة البطل , هو أن تقضي معه بعض الوقت قبل الكتابة. وأول ما يجب أن تعرفه ككاتب سيناريو عن بطلك، هو ما الذي يعشقه ، أو ما هو شاغله الشاغل. فمعظم الأبطال لديهم هدف، أو احتياج ، أو رغبة عارمة في شئ ما. فما الذي يحرك بطلك؟ ما الذي يريده ولا يمكنه الاستغناء عنه أبداً في هذا العالم ؟ ما الذي يمكنه أن يضحي به من أجل هدفه هذا ؟ . وهل هذا البطل في سعي حثيث نحو شيء ما , أم أنه في حالة تراجع وهروب من شيء ما ، أو شخص ما أو تجنب لشيء ما أو شخص ما ؟ وفي كل هذه الحالات تظل قاعدتي الدراما قائمتان ، لأن حتى أكثر الأبطال سلبية ، قادر علي اتخاذ مواقف تحدد مسار الأحداث بأكملها . البحث عن عالم السيناريو: عالم السيناريو هو أحد أهم العناصر المرئية في القصة. وهو يتحدد عادة من الصفحة الأولي قبل ظهور البطل. والعالم هو البيئة التي ينتمي لها البطل، أو التي يجد نفسه ينطلق منها . وقد يولد البطل في عالم وما يلبث أن يجد نفسه مضطراً لهجره ليلحق برحلته . وقد يجد البطل نفسه متورطاً في عالم جديد عليه. وقد يسعي بإرادته لتغيير عالمه بحثاً عن وعود ورغبات واحتياجات ما . وأفضل العوالم الواقعية أو المتخيلة ، هي تلك التي تخلق إحساساً حياً بالزمان والمكان , وتعكس أيضا الرحلة النفسية للبطل. وكيفية استجابته للعالم ، هي جزء من عملية اتخاذ القرار التي تساعده علي مدار القصة. وأحياناً ما يحدث، أن ينهار العالم الذي تبدأ به القصة وينتهي، وتدخل الشخصية أو يزج بها إلي عالم آخر. هنا يجب رسم هذا العالم الآخر أيضاً رسماً موحياً لإثراء وتعميق حركة البطل إلي ذلك العالم. وغالباً ما تتضح صورة عالم ما، عند مقارنته بعالم آخر مغاير, بحيث يقدم أحدهما ما يفتقده الآخر، وعادة ما يكون للعالمين أهمية كبيرة في تحقيق وتنفيذ أهداف البطل. بناء رحلة البطل: من المبادئ الأساسية، لعمل الفيلم بأكمله، ويمكن تطبيقها علي كتابة السيناريو أيضاً، هي أن القصة تتطور من خلال تصوير اللحظات الحاسمة في حياة البطل والتي يتخذ فيها مواقف نابعة من مشاعره العميقة وهمومه. فبمجرد تصوير هذه المشاعر والرغبات تبدأ رحلة البطل . وقد يتم هذا من أول صفحة في النص ، وقد يتأخر حتى الصفحة العاشرة . ولكن ليس بعد ذلك بأي حال من الأحوال . فالوقت علي الشاشة، عادة ما يتم حسابه بحيث تستغرق الصفحة المكتوبة ، بالمعايير المتعارف عليها في كتابة السيناريو، دقيقة واحدة . وهو ما يعني أن الصفحة رقم 10 هي الدقيقة العاشرة من السيناريو، بعد تحويله إلي الشاشة . فإذا لم يكن البطل قد بدأ رحلته بحلول الصفحة العاشرة، فإن الجمهور سيشعر بالملل من هذه الشخصية. بماذا تبدأ الرحلة ؟ تبدأ القصة عادة بحدث ما يستدعي بداية الرحلة. وهذا الحدث يؤثر علي البطل بشكل مباشر, أو يؤثر علي بيته، أو أسرته، أو أصدقاءه، أو مجتمعه، أو مبادئه ومعتقداته. وهنا يكون علي البطل اتخاذ عدة مواقف، كما سيحدث مرات عديدة علي مدار رحلته. وتشكل جملة هذه المواقف الكتابة الأولية للسيناريو.  
الخصم : Opponent
الخصم ، هو الشخصية التى تقدم لنا الصراع الخارجي في القصة، بوقوفها في طريق البطل ومنعه من الوصول لهدفه. ولابد أن تكون شخصيته فعالة ومؤثرة في القصة. و صراع البطل في الدراما يصنف أنه أما أن يكون صراعا رأسيا مع قوي الطبيعة أو الألهة أو الزمن مثل في أفلام   Clash of titans, Perfect storm , أو صراع أفقي و هو الصراع المعتاد حيث يكون للبطل خصوم  و يبرز الصراع الأفقي في الأفلام التي تلعب علي تيمة الإنتقام أو كما يطلق عليها تيمة كونت دو مونت كريستو كفيلم دائرة الإنتقام مثلا. ومن الأخطاء الشائعة تقديم الخصم ثم نسيان كل شيء عنه لمراحل كبيرة من الوقت. وفي الأفلام البوليسية ، حيث لا يتم الكشف عن الخصم إلا في النهاية، يأخذ "اللغز" دور الخصم حتى يتم كشفه .  وفي الدراما العربية العديد من الأمثلة . ويجب أن يكون الخصم واحدا ، فتعدد الخصوم يضعفهم ، ويضعف الفيلم بالتالي . وإذا كان لابد من مجموعة من الخصوم فلابد أن يكون بينهم قائد محدد واضح .
وفي الدراما الكلاسيكية ثلاثة أنواع من الخصومة:
1- إنسان ضد إنسان :
 هذا هو أكثر أنواع الخصومة شيوعا . والخصم هنا يجب أن يكون شخصية حقيقية ثلاثية الأبعاد . ولابد من أن يكون (هو أو هي) قويا ، ويستحق التحدي . فإذا كانت الخصومة قائمة على مجرد شعارات فسوف تقلل من مصداقية البطل. ومن ثم فإن قوة البطل يجب ألا تزيد عن قوة الخصم . ومن الطرق الرائعة في تطوير خصم , هى فى جعله شديد الشبه بالبطل. كلاهما ينطوي على معنى جميل ، وكلاهما له عيوبه ، وكلاهما له نفس الرغبات . ويجب أن يكون الفرق في القيم التي يؤمنان بها ، والتى تكون مفتاح تحديد كل منهما.
2- إنسان ضد الطبيعة :
 يمكن أن يكون الخصم هو أحد عناصر الطبيعة. وهذا النوع من الخصومة نجده في أفلام البقاء والكوارث الطبيعية حيث يجب أن يجابه الناس قوى الطبيعة كالأعاصير والعواصف وغير ذلك . وقد يكون هذا النوع من الخصوم غير حاضر في مرحلة كبيرة من الفيلم ، لذا من المفيد تقديم شخصية تعارض البطل في الوقت الذي تتهيأ فيه الطبيعة  لغضبتها . وهذه الشخصية يمكن أن تعضد أو تعارض العنصر الطبيعي بطريقة تخلق تناقضا مع البطل .
3- إنسان ضد نفسه :
 وفي حالات قليلة يكون البطل والخصم نفس الشخص . وهنا تكون عيوب الشخصية كبيرة لدرجة أنها تعترض الدوافع الخارجية والداخلية على السواء. ومن ثم ، يكون البطل هو أسوأ خصوم نفسه . وهذا النوع يسمى في الأدب الكلاسيكي "قصة لا بطولية" أو قصة "البطل الضد" anti-hero story، حيث البطل مبتلى بشياطين ذاته التي تدفعه إلى سلوكيات مدمرة. ومن الأمثلة العظيمة ترافيس بيكل (الذي قام بأداء دوره روبرت دي نيرو) في فيلم "سائق التاكسي" Taxi Driver. ومن الأمثلة الهامة في السينما العربية فيلم "الطريق" حيث يتجه البطل إلى سلوكيات مدمرة تدعمه فيها رغبات شريرة تتغلب على الجانب الخير في ذاته.
البطل الضد : Anti-hero
وهو ليس عكس البطل، ولكنه نوع خاص من الأبطال، قد يكون شريرا أو خارجا عن القانون في نظر المجتمع، ولكن الجمهور يتعاطف معه. ويمكن تمييز نوعين من هذا النوع من الأبطال :
أ) شخصيات تتصرف كالأبطال التقليديين ولكنها تتمتع بقدر كبير من السخرية التي تخفي جرحا غائرا من الماضي (مثل همفري بوجارت في "النوم العميق" The Big Sleep 1946، و"الدار البيضاء" Casa Blanca 1942. ونحن نعجب بهؤلاء الأبطال، لأنهم شخصيات ثائرة لا تأبه بالمجتمع كما نود أن نفعل نحن في كثير من الأحوال.
ب) أبطال تراجيديون مثل أبطال المآسي الإغريقية القديمة الذين يحملون بذور فنائهم ، إذ تحتوي شخصياتهم على عيب جوهري يؤدي بهم إلى السقوط . هم أبطال لقصصهم إلا أننا لا نستطيع إلا أن نحبهم أو نعجب بهم ، مثل ماكبث مثلا أو "الوجه ذو الندبة" Scarface  أو جاك لاموتا في الثور الهائج Raging bull .
تنويعات على نمط البطل الضد : أ) البطل المنتمي للجماعة :
وتنقسم قصته عادة إلى: الانفصال عن الجماعة إلى حيث عالم المغامرة  ، ثم المغامرة ذاتها في ذلك العالم الغريب ، فالعودة للانضمام إلى الجماعة  .
ب) البطل المنعزل :
وقصته هي: الابتعاد عن العزلة والعودة للانضمام إلى الجماعة ، ثم المغامرة في إطار الجماعة , فالعودة إلى العزلة . ويشيع هذا النمط من الأبطال في أفلام الغرب والدرامات البوليسية، التي تصور رجل التحري الخاص private detective أو عودة شخص معتزل إلى معترك الحياة.
ج) البطل كعنصر مساعد :
وهو كالعنصر المساعد في الكيمياء، حيث يسهم في تغيير طبيعة من حوله دون أن يتغير هو ذاته (الفارس الوحيد أو الرجل الخارق) وقد يمر هذا النمط من الأبطال بتغيرات طفيفة داخله، إلا أن وظيفته الأساسية هي مساعدة الآخرين على النمو والتغير، وهذه التغيرات الطفيفة تضفي قدرا من الحيوية والمصداقية على هذا البطل المساعد.
 

الشخصيات الأخرى
بالإضافة إلى البطل والخصم، تلجأ معظم السيناريوهات إلى توظيف واحد أو اثنين من الشخصيات الآتية : الصديق :
يساعد الصديق في تحديد شخصية البطل بطرق عديدة. فأولا , يمكنه أن يختلف عن البطل في سلوكياته أو قيمه. وهذا يساعد على تحديد شخصية البطل من خلال التباينات. وثانيا ، الصديق هو شخص يمكن أن يثق به البطل . وهذا يسمح للمتفرجين بأن يعرفوا بعض الأحداث السابقة والمشاعر الداخلية التي تحرك البطل عن طريقه . وثالثا ، يقدم الصديق طريقة لكشف نقطة ضعف البطل ، ومن ثم يساعد في نمو خط القصة الداخلي. وأخيرا، يمكن أن يساعد الصديق البطل في الوصول إلى هدفه.ولكن يجب الحذر من أن يكون الصديق ذا شخصية أفضل من شخصية البطل . وهذا يمكن أن يحدث بسهولة لأن البطل يتم التركيز على أحد عيوب شخصيته بينما لا يحدث ذلك مع الصديق . ويعرف الصديق أيضا بالحليف أو موضع الثقة .
  الحبيب أو الحبيبة :
من الممكن لشخصية الحبيب أو الحبيبة أن تساعد على تحديد شخصية البطل بنفس الطريقة المتبعة مع شخصية الصديق، ولكن هذه العلاقة أكثر تعقيدا , وتتطور من خلال خط ثانوي للقصة. وفي قصص الحب العظيمة، يتغير الاهتمام بالحب بين دعم البطل وبين الوقوف في طريق هدفه أو وسائله . ولابد أن يتغلب البطل على عيوبه الشخصية قبل أن يصل إلى هدفه من هذه العلاقة .
  الجاسوس :
يبدو الجاسوس حليفا لشخصية البطل ، ولكن في النهاية نكتشف أنه يعمل لصالح الخصم . ورغم أن شخصية الجاسوس مشهورة في الأفلام الحربية والبوليسية وأفلام الجاسوسية ، إلا أن هذه الشخصية تصلح للعمل في أي نوع من الأفلام السينمائية . وتعتبر شخصية الجاسوس مخادعة بسبب التغيرات التي تمر بها . فلأنه يتظاهر بكونه حليفا للبطل ، فربما يبدأ بإعطاء شعور بأنه من الشخصيات الطيبة ، وربما يخدع الجميع . ولكنه قد يظل مؤيدا قويا للخصم في الوقت نفسه. وفي حالات نادرة ، يكون الجاسوس هو نفسه الخصم . فلقد دهش المتفرجون عندما عرفوا حقيقة فيربال كينت في فيلم "الشكوك المعتادة" The Usual Suspects. وبالنسبة لبنية السيناريو ، تعتبر لحظة الكشف عن شخصية الجاسوس نقطة هامة في الحبكة. ويمكن استخدامها في خلق الإثارة أثناء الفصل الثاني. وفي النهاية، يكون الجاسوس أساسا لإظهار حقيقة القوة الحقيقية للخصم.
   المعلم أو الناصح :
هو عادة شخصية إيجابية تساعد أو تدرب البطل. والعلاقة بين البطل والمعلم واحدة من أثرى مصادر الإمتاع في الأدب والفيلم . إن المعلمين كما يقول فوجلر يتحدثون بصوت الإله وملهمون دائما بالحكمة السماوية ، أو كما يقول الشاعر أحمد شوقي "كاد المعلم أن يكون رسولا". وهم يظهرون غالبا في الأفلام التي تلعب علي تيمة الفنون القتالية الأسيوية ليعطوا بعدا روحيا لرحلة البطل سواء في صراعه مع عصبة من الأشرار أو لتحقيق مجد ما . والمعلمون أو الناصحون غالبا ما كانوا أبطالا سابقين خبروا الحياة وخاضوا معتركها، وهم الآن يزودون الآخرين بخلاصة تجاربهم وحكمتهم ، والناصح  قريب الشبه لصورة الأب الفعلي أو البديل بحسب أحداث القصة المطروحة .وعادة ما يظهر المعلمون أو الناصحون في مرحلة مبكرة من القصة، إلا أنه في أحيان أخرى قد يضطرون إلى الانتظار حتى الحاجة إليهم في اللحظة الحرجة .
تنويعات على نمط المعلم أو الناصح :  * المعلم الضد :
 المعلم الضد Anti-Mentor هو الذي يقود البطل الضد Anti-hero إلى طريق الجريمة والدمار، مثل معلمو الجريمة في الفيلمين الأمريكيين "عدو الشعب" Public Enemy 1931، و"الرفاق الطيبون" GoodFellas 1990، ومعلمة النشل في الفيلم المصري "جعلوني مجرما" (1945).
* المعلم المتهاوي  :
انه ذلك المعلم الذي يقدم بسقوطه وفشله مثالا واضحا للبطل؛ كي لا يحذو حذوه. وعادة ما يحاول هذا المعلم أن يعوض فشله بتقديم المعاونة للبطل الجديد : إنه حسبو (عبد الوارث عسر) في فيلم "شاب امرأة (1956) الذي يحاول إبعاد الشاب الريفي (شكري سرحان) عن طريق الغواية ، أو المحامي السكير الممنوع من ممارسة المهنة (دونالد سوذرلاند في فيلم "وقت للقتل" A Time to Kill 1996، الذي يساعد المحامي الشاب ماثيو ماكونوهي في قضيته الكبرى.
* معلمون متعددون :
 قد يتم تدريب البطل على أيدي سلسلة من المعلمين لاكتساب مهارات معينة تجعله قادرا على أداء مهمته، مثل شخصية M (رئيس المخابرات) وQ (رئيس قسم الأسلحة والمعدات) في سلسلة أفلام جيمس بوند.
* معلمون مضحكون :
يتردد هذا النمط كثيرا في الكوميديات الغرامية، إنه الصديق المخلص من نفس جنس البطل (رجل أو امرأة) ، الذي يقدم له النصائح المجربة للتعامل مع الجنس الآخر , مثل الدور الذي لعبه سمير صبري في فيلم البحث عن فضيحة.
* الناصح الداخلي :
في حالة الأبطال المحنكين ذوي الخبرة يصبح المعلم أو الناصح هنا هو مجموعة القواعد والأخلاقيات التي تحرك أفعال البطل، وهو عادة ما يرجع أو يفسر بعض سلوكياته بنصائح تلقاها من أشخاص آخرين في حياته المبكرة ، مثل :    "اعتاد أبي أو أمي أو جدي أو مدربي أن يقول لي...".
   حارس البوابة :
على مدى مسيرة البطل في مغامرته يقابل بالعقبات، وعند كل بوابة لعالم جديد يقف حراس عنيدون لمنع من لا يستحق من الدخول. هؤلاء الحراس ليسوا بالضرورة أشرار ، بل إنه من الممكن إذا ما تفهم البطل دوافعهم أن يتم تجاوزهم والالتفاف حولهم بل وتحويلهم إلى حلفاء للبطل .وحراس البوابة ليسوا عادة الأشرار الفعليين أو أعداء للبطل ، وإنما ما يضعهم في هذا المعسكر أنهم باعتراضهم طريق البطل إنما يعملون بطريقة غير مباشرة لمصلحة الأشرار، ولكن هذا لا ينفي وجود علاقة تكافلية بين الشرير وحارس البوابة .إن حراس البوابة يمثلون العقبات العادية التي تقابلنا باستمرار في الحياة : الحظ السيئ، الطقس الرديء، التحامل والقمع والشخصيات العدائية ، إلا أنهم على مستوى أعمق يمثلون تلك الشياطين الداخلية ، مثل الجراح النفسية والعاطفية والخطايا والنقائص الداخلية التي تعوق الفرد عن التطور والنمو.
   الرسول :
 الرسل كما في روايات القرون الوسطى في عصر الفروسية هم حاملو دعاوى التحدي والمبشرون بقدوم تحول هام. إنه شخص جديد أو وضع مفاجئ أو معلومة ما تحدث تغيرا في الوضع المتوازن للبطل في عالمه العادي ، مما يدفعه لاتخاذ قرار الإقدام على فعل ما و أو مواجهة تحدي ما , أو للإجابة علي تساؤلات تدور في ذهن البطل . والرسول قد يكون شخصا ينقل خبرا إلى البطل ويعلمه بالوضع الجديد الذي يخل بتوازنه ، مثل دور عبد الرحمن أبو زهرة في أرض الخوف . وقد يكون رسالة أو برقية أو حتى مكالمة تليفونية. وفي أحيان كثيرة قد يكون قوى طبيعية مثل إعصار أو زلزال أو انهيار في سوق الأوراق المالية أو إعلان الحرب . وقد يكون الرسول هو ذاته الشرير الذي يواجه البطل مباشرة , أو قد يكون أحد أتباعه ويحاول خداع البطل لتوريطه في فعل ما ، وقد يمثل الرسول قوى الخير التي تستنفر البطل لفعل إيجابي، وفي أمثلة كثيرة يؤدي المعلم أو الناصح دور الرسول الذي يزود البطل بالدافع للتحرك ومواجهة التحدي .
   متغير الشكل :
عادة ما يقابل البطل أشخاصا من الجنس الآخر غالبا ـ تبدو طبيعتهم في حالة تبدل وتغير دائمين من وجهة نظره . إن متغيري الشكل متقلبون عادة في مزاجهم النفسي أو مظهرهم الخارجي ، ومن الصعب الاعتماد على خاصية ثابتة لهم . وهم يجعلون البطل في حالة قلق وتخمين وتساؤل عن مدى ولاء وإخلاص هذه الشخصيات . إن متغير الشكل هو المسئول بصفة رئيسية عن تواجد عنصر الشك والتشويق في القصة ، إنه يجعلنا دائما في حالة من القلق وعدم اليقين وتوقع المفاجأة. وعلى هذا فإنهم دائمو الحضور بشكل كبير في العديد من  أفلام الإثارة Thrillers وبتنويعات مختلفة مثل  المجرمات أو القاتلات اللائي يكشف البطل حقيقتهن في النهاية . وبالطبع فإن هناك أيضا العديد من "الرجال المدمرين" مثل الأزواج الذين يسعون لقتل زوجاتهم: "النوم مع العدو" Sleeping with the Enemy 1991 . وقد لا يكون التدمير هو الهدف الأساسي لمتغيري الشكل ، بل مجرد الاكتفاء بإصابة البطل بحالة من الارتباك أو الذهول . وكما سبق القول فإن متغير الشكل هو دور أو وظيفة أكثر منه نمط ثابت ، فالبطل قد يكون متغير الشكل في أحد مراحل القصة أو الرحلة ، كي يحقق هدفا معينا آنيا يتفادى شركا نصب له أو لخداع أحد حراس البوابة . وهو هنا ينقل حالة القلق والتخمين إلى خصومه.
   الظل :
الظلال هي كل الأشياء التي لا نحبها في أنفسنا. كل الأسرار المظلمة التي لا نود الاعتراف بوجودها حتى لأنفسنا ! وهذا الجانب السلبي للظل في القصة يعبر دائما عن ذاته في الشخصيات التي نطلق عليها الأشرار Villains أو الأعداء أو الشخصيات المناوئة . ويشير كريستوفر فوجلر على فارق هام بين الشرير والشخصية المناوئة ، فيقول : إن الشخصية المناوئة قد لا تكون عدائية تماما ، بل قد تكون شخصية حليفة تسعى وراء نفس هدف البطل ، إلا أنها لا تقر أساليبه. وقد قيل قديما إن جودة القصة تعتمد على جودة رسم شخصية الشرير فيها . وذلك لأن العدو القوي يدفع البطل للارتفاع إلى مستوى التحدي . فإذا كان الظل في أكثر الأحيان هو شخص خارجي عن البطل أو بطل زائف , ففي أحيان أخرى قد يكون جزءا أصيلا من البطل ، كما في حالة " دكتور جيكل ومستر هايد".
   المخادع :
معظم الشخصيات المهرجة أو الأتباع المضحكين في القصص ينتمون إلى نمط المخادع ، الذي يعبر أكثر ما يعبر عن "الشقاوة" أو "الإيذاء العابث". ففي أحلك لحظات الدراما وأكثر القصص حزنا يمكن تقوية اهتمام المتفرجين وإعادة تنشيطه من خلال لحظات مرح تتخللها . وهناك قاعدة درامية قديمة تشير إلى ذلك القدر من التوازن : "اجعلهم يبكون كثيرا ويضحكون قليلا". وغالبا ما يكون المخادعون شخصيات مساعدة تؤثر في حياة الآخرين، دون أن تتغير هي ذاتها. وقد يلجأ الأبطال في أحوال كثيرة إلى لعب دور المخادع من أجل التفوق على "الظل" أو الالتفاف حول "حارس البوابة".
 
شخصيات الأدوار الصغيرة :
تستخدم شخصيات الأدوار الصغيرة لأغراض معينة في القصة وليس لدوافع كل منهم. فيمكن استخدامهم لنقل معلومات، أو تقديم بعض الفكاهة، أو حتى لمجرد توسيع الفكرة. ويجب أن يكونوا مثيرين للاهتمام والمتعة بقدر الإمكان، ولكن ليس بدرجة القوة التي تجعلهم غالبين على الشخصيات الرئيسية. والشخصيات الصغرى العظيمة تتميز بالحساسية والخصوصية. إنها عادة تتلون بنوع من عدم العقلانية تميز ما لديها من براعة وذكاء . ومثل هذه الشخصيات تسمى أحيانا شخصية غريبة الأطوار . وإذا كانت شخصية ما تظهر لوقت قصير ، فلا يجب أن يتم التركيز على أكثر من صفة أو اثنتين من صفاتها .
 
 بعد استعراض هذه الأنماط الأولية، نجد انها في النهاية تشكل لغة مرنة لا حدود لها لوصف الشخصيات. إنها طريقة لفهم الوظيفة التي تؤديها الشخصية بشكل عام أو في لحظة ما معينة في القصة. والوعي بهذه الأنماط الأولية يحررنا من اللجوء إلى الأنماط المكررة، وذلك بإعطاء شخصيات السيناريو عمقا وصدقا نفسيا، فهذه الأنماط الأولية يمكن استخدامها لخلق شخصيات تتميز بالتفرد والأصالة، وفي نفس الوقت تعكس رموزا عالمية لخواص تشكل الإنسان المتكامل. إنها تعمل على جعل شخصياتنا وقصصنا واقعية من الناحية النفسية، ومتطابقة مع حكمة الأساطير القديمة.




رسم الشخصية
ليس هناك وجود للحدث بدون فاعل لهذا الحدث، ومن ثم فالحدث والشخصية عنصران أساسيان في القصة، ويجب أن نتعرف على الإنسان لكي نتتبع ونتفهم الحدث.
وتتمتع الرواية بحرية كبيرة في المساحة ووصف أفكار الشخصيات، ونقل آراء المؤلف، وإمكانية وصف الشخصيات وشرح دوافعهم وأفعالهم. ولا يهم كيف يصمم الروائي الشخصيات، فسوف يكوِّن كل قارئ فكرته الخاصة عن ملامح وسلوك هؤلاء الأشخاص.
أما في السينما فإن رسم الشخصيات مهمة صعبة للغاية، فالشخصية يؤديها ممثل يعرف المتفرجون صورته بالفعل ورأوه في شخصيات أخرى، فليست هناك حرية في إطلاق العنان للخيال. وبالتالي يتم اختيار الممثل لمظهره الذي يجب أن يكشف عن نفس الشخصية التي يعرضها. ويظن الكثيرون أنه نتيجة لذلك لا يطمح الفيلم العادي لإضافة لمسات بارعة في رسم الشخصيات. وتكون النتيجة رسما نمطيا لهذه الشخصيات في كتابة معظم السيناريوهات. ورغم ذلك، فليس من العسير أن نرسم الشخصية في السينما. ويثبت هذا حقيقة أن الأفلام الجيدة تحتوي على شخصيات مرسومة ببراعة.
ولكي نحاول رسم شخصية جيدة، علينا أن نعرف ما يجب أن تتميز به كل شخصية من صفات ظاهرية وجوانب داخلية.
الصفات الظاهرية:
يمكن وضع الصفات الظاهرية لكل شخصية تحت ثلاثة عناوين : الجنس ، والعمر، والانطباع السائد . وعلى سبيل المثال: رجل، منتصف السبعينات، ضعيف وهزيل ، امرأة صعيدية بمعنى الكلمة، 32 سنة . لا داعي للإطالة في الوصف ، فالواقع أن الوصف الدقيق سوف يؤدي إلى صعوبة إيجاد ممثل يقوم بالدور. المهم هو وضع الصفات الأساسية والضرورية للدور. ويجب أن تجعل لكل شخصية انطباعا ، وعلى سبيل المثال أن يكون الشخص ذكيا أو غبيا أو معتمدا على نفسه أو جامد الوجه، أو مصطنعا في حركاته ، أو ودودا .. الخ.
وينبغي أن يكون لكل شخصية تعبير مميز، بشرط أن تكون هذه التعبيرات المميزة مرتبطة بالقصة ارتباطا مباشرا، وتنقسم التعبيرات المميزة إلى :
أ. تعبيرات مميزة في المظهر:
مثل الزي المناسب للشخصية ، فمثلا يمكن أن تكون الشخصية تتصف بالأناقة ، أو الإهمال في الملبس، بالإضافة إلى ما يظهر مكانتها الاجتماعية. وبالطبع لكل ممثل مظهره، لكن بعض اللمسات تضفي تميزا خاصا بالدور الذي يقوم به في فيلم معين. وعلى سبيل المثال استطاع محمود عبد العزيز في أدائه لدور الشيخ حسني ( فيلم الكيت كات، إخراج داوود عبد السيد) أن يقدم نموذجا لشخصية متميزة المظهر بكل معاني الكلمة. وفي نفس الوقت، كانت سناء جميل بارعة في أداء دور زوجة العمدة في فيلم "الزوجة الثانية"، والواقع أن هذا الفيلم الذي يعتبر من كلاسيكيات السينما المصرية قدم لنا شخصيات متميزة بكل معنى الكلمة .
ب. تعبيرات مميزة في الكلام :
وبالطبع لكل منا تعبيراته المميزة في الكلام، وقد تتميز الشخصية بلازمة معينة، كما في الطريقة التي كان يستخدمها عبد الفتاح القصري، وعلى سبيل المثال في ابن حميدو "أنا كلمتي ما تنزلش الأرض أبدا". أو من الممكن أن تكون الشخصية تتميز بسرعة الكلام، أو بطئه، أو ببعض الثأثأة، أو اللدغة، أو الجدية، أو الطرافة، أو غير ذلك . وفي فيلم "الزوجة الثانية" برع حسن البارودي في أداء دور الحلاق والعطار القديم في القرية، ولا يمكننا أن ننسى صوته وهو يقول: "الشاي يا هنية".
ج. تعبيرات مميزة في السلوكيات :
يمكن إضافة بعض التعبيرات المميزة في السلوكيات، في المشية، في اللفتات، حركة مميزة يقوم بها الممثل كلازمة ولكن حركية ، مثل أن يلف سلسلة المفاتيح حول إصبعه، أو يداعب شاربه .. أو يجلس بطريقة معينة .. إلخ، ولكن يجب الحذر في هذه التعبيرات المميزة لكي لا تتحول إلى شيء زائد عن الحد .
الجوانب الداخلية :
أما الجوانب الداخلية فلها أيضا ثلاثة عناصر رئيسية:
أ. وجهة النظر:
لكل شخصية وجهة نظر بناء على وضعها الاجتماعي والعمري ، مثلا لابد أن يكون هناك اختلاف في وجهات نظر كل من  الأبوين والأبناء ، المدير والموظفين ، الزوج والزوجة ، الخ. ولكن بالإضافة إلى ذلك تتميز وجهات النظر لكل شخصية، بناء على نوع الشخصية ومواقفها في الحياة ، واهتماماتها الشخصية ، وهذا هو ما يعطي للشخصية تميزها.
وإظهار وجهة نظر حادة الوضوح لكل شخصية من الشخصيات تنبع أساسا من دورها في القصة أو الفيلم ، وفي فيلم الكيت كات كان ابن الشيخ حسني يختلف مع أبيه بسبب بيعه البيت وتدخينه الحشيش ، ولكنه كان يحترمه في نفس الوقت ، وكانت أم الشيخ حسني ترى الأشياء دائما من وجهة نظر حسنة النوايا ، بينما كان الشيخ حسني يرغب دائما في أن يكون "مفتحا" في تصرفاته . وكانت نظرة المعلم هرم إلى تداول الحشيش والتجارة فيه تختلف طبعا عن نظرة ضابط الشرطة الذي لا يهمه إلا أن تتم ترقيته بصرف النظر عما قام به من نشاط حقيقي . ووجهة النظر قد تختلف بين حليفين مثل البطل والسنيد ، كما بين عدوين ، وهذا يؤدي إلى مزيد من العمق للشخصيات وإظهار أوضح لمواقفها.
ب. الموقف العام للشخصية:
السمات الشخصية هي إلى حد كبير عبارة عن موقف attitude . لأن الموقف هو رد الفعل العادي للشخصية من الحياة بشكل عام ، وقد يكون هو التفاؤل , أو التشاؤم , أو حب القتال ، أو التعقل .. أو غير ذلك ، إنه فلسفة الحياة وقد صيغت في عبارة واحدة . ومعرفة الموقف السائد لإحدى الشخصيات تمنح الكاتب فرصة كبيرة ، فهي توفر له مقدما رؤية كيف ستتصرف هذه الشخصية في أي وضع معين . أي أن مواقف الشخصيات تجعل من السهل التنبؤ مقدما بتصرفاتهم . ففى فيلم الكيت كات كان رد فعل إعلان الشيخ حسني لفضائح الحارة في الميكروفون مختلفا على كل شخصية ، فالمعلم هرم يريد أن يهرب وعشيقته تريده أن يحمل معه الحشيش الذي يخفيه عندها ، وزوج روايح يبكي بصمت ، بينما أمها تكاد تلطم خشية الفضيحة، أما ابن الشيخ حسني فهو يضحك بسخرية واعتزاز بأبيه ، وبائع الدجاج يشتم في غيظ ، وهكذا نجد لدينا مجموعة من ردود الأفعال المختلفة ترتكز على فكرة بسيطة : "ماذا يحدث لو أن أحدا فضح أسرار الجميع علنا؟" ، وقد جاءت ردود الأفعال متسقة مع الشخصيات ومواقفها ودورها في القصة .
ج. الاهتمامات:
يجب أن يكون لكل شخصية اهتمام خاص، وهو أمر يضيف بعدا وعمقا للشخصيات، ويجعل لكل منها صفاتها الفردية، كما يوفر موضوعا للحديث يضيف إلى تجسيد الأحداث عند الحاجة. فمثلا أجعل للشخصية هواية محببة، ملاحظة التليفزيون، قراءة الجرائدلا، رياضة معينةلا، أو تربية أسماك الزينة أو جمع الطوابع .. الخلا.
اتجاه الشخصية:
أ. الأهداف :
 يجب أن يكون لكل شخصية، وخاصة الرئيسية منها، أهداف واضحة، والأهداف نوعان : أهداف فورية، وأهداف بعيدة المدى . والأهداف الفورية هي نتاج للموقف في القصة . فالهدف الفوري لابن الشيخ حسني هو السفر لبناء مستقبله كشاب، والهدف الفوري لروايح هو التخلص من حياة زوجية بائسة . وتختلف الأهداف من شخصية لأخرى ، والأهداف الخاصة بالشخصيات الشريرة عادة تكون قوية وتقودها الرغبة الجامحة في تحقيقها .
فمثلا كان الهدف الفوري لعلي عبد الظاهر(عادل إمام) في فيلم الإرهابي هو تنفيذ أوامر أمير الجماعة باعتبارها واجب مقدس، فنفذ هجوما على أتوبيس سياحي قتل فيه عددا من السائحين ، ثم ها هو بسبيله لتنفيذ قتل مفكر معروف رأى الأمير أنه كافر. أما الهدف بعيد المدى فهو أمر آخر، إنه أقرب لمفهوم الحياة عند كل شخصية ، ونظرتها إلى المستقبل ، لكن الواقع أننا نوازن بين هذا الهدف بعيد المدى وبين الإنجازات المقبولة اجتماعيا ، وهو ما ينتج عن الاتجاهات السلبية لدوافع كل شخصية. والواقع أن علي عبد الظاهر ينظر إلى الحياة في يأس بسبب جهله وإحباطه ، وهذا هو ما يجعل من السهل انضمامه إلى الجماعة وتقديسه لأميرها لدرجة أنه يعتبر أن كل مهمة يطلبها منه الأمير ، حتى ولو كانت قتل الأنفس ، واجبا دينيا مقدسا.
ب. التبرير المعقول :
 يلزم أن يعرف الكاتب عن شخصياته ما يكفي لأن يكون سلوكهم مبررا دائما. فيجب أن تكون هناك الأسباب الملائمة لكل شخصية في ضوء ظروفها وتجاربها السابقة لكي يكون سلوكها منطقيا سهل التصديق . ويبدأ الأمر من ميلاد الشخصية ثم تطورها ، إلى الحد الذي يمكنك من إنجاز مهمتها في القصة ، لا أكثر . ولكل شخصية تجاربها التي تؤكد سماتها الشخصية والتي هي نتاج سلوكيات مكتسبة ، عن وعي وعن غير وعي ، لكي تلائم مشاكلها وعالمها، ولكي تنتصر على الوراثة والبيئة معا ، بصرف النظر عن أية ظروف أخرى ، وهذه التجارب تأخذ ضريبتها أيضا من كل منا ، فكل منا يعاني بشكل أو بآخر من نتائجها ، وليس أمامنا سوى الاستمرار في الصراع كلا حسب طريقته .
تعديلات الشخصية :
سوف تضيف إلى الشخصية الكثير إذا كتبت أحداثا تساعدها على التحرر من التصور الأساسي القاطع لها . وعلى سبيل المثال، تتطور الأحداث في فيلم "الإرهابي" بطريقة تغير تماما من شخصية البطل ، حتى أنه يموت في سبيل تحسين صورته أمام الناس الذين أحبهم وآمن ببراءتهم من كل أفكاره السابقة ، لقد تغير من شخص ينفذ توجيهات أمير الجماعة بلا تفكير إلى إنسان طبيعي يحب ، ويفهم ، ويريد منهم أن يتعرفوا عليه في هذه الشخصية الجديدة . والبنت الغلبانة فاطمة في فيلم "الزوجة الثانية" ، التي تبدو في أول الفيلم "منكسرة" لا تريد من الحياة سوى رضا زوجها وخدمة العمدة وزوجته لتحصل على ما يتفضل منهما لأطفالها، إذا بها شخصية قوية عندما توضع "على المحك"، قادرة على هزيمة العمدة وزوجته وكل ما يحملانه من شر تجاهها.
ومن المفضل أن تكون الانطباعات السائدة صحيحة طبعا، ولكن من الممتع أن يكتشف المتفرجون جانبا مخادعا في الشخصية، أو نقطة ضعف، فالمدير الجاد الصارم يغلق باب غرفته بعد توجيهاته الصارمة للموظفين ، ثم يطلب عشيقته في التليفون الخاص بالعمل ويمازحها بشكل يتعارض تماما مع الشخصية التي رأيناها من قبل . والشيخ الذي هو مثل أعلى في التدين يمكن أن يظهر أنه أبعد ما يكون عن التدين والأمر لا يزيد عن التظاهر الكاذب . إنها أسرار الشخصية التي عندما تتعارض مع الموقف المعلن أو الانطباع السائد تضاعف من اهتمام المتفرج ومتابعته لكل موقف ليعرف إذا كان السر سينكشف أو يثير المشاكل للشخصية .
ولكن احذر من المبالغة في هذا الإجراء ، بل يجب أن يظل الانطباع السائد سائدا فيما عدا تلك اللحظات التي قد تقود فيها طبيعة الموقف شخصا من هذا النوع المحدد لأن يكشف سره . ولنتذكر الشخصية المركبة للسيد احمد عبد الجواد فى فيلم "بين القصريين" والتي ظلت متسقة أمام زوجته رغم انكشاف سره أمام ابنه الأكبر، والذي لم يجرؤ على كشف السر ولا حتى مواجهة ابيه بأنه يعرف ، إلا بعد وقت طويل وبشكل جزئي فقط لأخيه الأصغر ، وقد استطاع أن يقنعنا بأن جانبي شخصيته يسيران في خطين متباعدين لا صلة بين أحدهما والآخر طوال حياته تقريبا بسبب القصة الجيدة ، والرسم المتميز للشخصية وانفعالاتها وتطورها . وينبغي أيضا أن تكون مكونات السر موجودة ولكن غير مكشوفة، ولا تقدم كل مظاهر هذا "السر" مرة واحدة ، واحتفظ بأجود ما عندك للشخصيات الرئيسية وفي المواقف الحساسة.
جمع المعلومات :
يجب أن نعرف حقائق كافية عن الشخصية. بداية من السن التقريبية للفرد، ووظيفته، والبلد التي يعيش فيها، والأصل الذي ينتمي إليه، وحالته الاجتماعية، وملخص سريع لتسلسل حياته والنقاط الهامة ذات التأثير فيها.
والوظيفة عامل مؤثر للغاية في رسم الشخصية . فيمكن أن يكون الإنسان عاملا , أو أستاذا , أو فنانا ، أو ممثلا ، أو عالما، ويمكن أن تكون المرأة ربة بيت ، أو راقصة ، أو بائعة ... الخ . فنوع الوظيفة يرسم شخصية الإنسان إلى حد كبير، ويكشف بالتالي عن قدر كبير من المعلومات الخاصة بالشخصية . ويجب أن تكون كل شخصية مختلفة عن زملائها . مختلفة جسديا، وفي وجهة النظر , وفي الانطباع الذي تتركه من مواقفها وأرائها ، اهتماماتها، أهدافها، تعبيراتها المميزة ، إمكاناتها وخلفيتها. 
ومن الضروري أن تصل كل المعلومات إلى المتفرج ليكون رسم الشخصية حيويا. ومع ذلك، من الممكن أن يجمع الكاتب معلومات كثيرة عن الشخصية ولا يستخدم فعليا إلا بعضها، والمعلومات غير المستخدمة مفيدة للكاتب وحده ، وعليه مسئولية اختيار المعلومات الجوهرية التي تفيد القصة وتطورها . وهي المعلومات التي سوف يتم تطويرها بتقدم القصة . وقد تعتبر المعلومات الأخرى جوهرية بالنسبة إلى قصة معينة ، فقد يكون من الجوهري معرفة ماضي أو خلفية مجرم أو تدهور متشرد، أو الخطط المستقبلية للشخصية . لقد كانت المعلومات الخاصة بتاريخ العلاقة بين سعيد مهران ورءوف علوان ، في فيلم "اللص والكلاب"، على درجة كبيرة من الأهمية لكشف شخصية كل منهما وتطورها وتطور أحداث الفيلم أيضا.
وربما يكون هناك بعض التناقض في المعلومات العامة ينتج عنه شخصية متميزة، وعلى سبيل المثال قد نرى شابا مستهترا، ونظن أنه لا يعمل ، ولكننا نفاجأ بأنه يعمل في أحد المصانع ، هنا أصبح هذا الشاب ليس مجرد شاب مستهتر، وإنما شاب عامل مستهتر، وهذه المعلومة قد تمسك بخيط ما في القصة .
العلاقات :
من العناصر المهمة علاقة الشخصية بالشخصيات الأخرى. ولأن كل هذه الشخصيات مختلفة، فستكون علاقاتها فيما بينها مختلفة. فالشخصية ( أ ) تكره الشخصية ( ب ) ، وتحب الشخصية ( ج ) ، وترتاح إلى الشخصية ( د ) ، ولا تثق في الشخصية ( هـ ) . وتعتقد أن الشخصية ( و ) غبية ، الخ. ومن خلال علاقة الشخصية بأفراد الأسرة أو الجيران أو الزملاء أو البائع أو الزبون ، نستطيع رسم الشخصية بشكل أفضل وأوضح .
وتكمن أهمية العلاقات في أنها تكشف عن معلومات ، فالرجل المتزوج يتصرف بشكل مختلف عن الأعزب ، كما أن علاقة الأبوة تجعل الأبوين يتصرفان مع أطفالهما بشكل مختلف . وبالإضافة إلى ذلك فإن العلاقة تجعل شخصيتين تتواصلان ، ومن ثم فهما قادران على الكشف عن معلومات عن كل منهما . فإذا كان رجل يحتفظ بصداقة شخص سكير أو مدمن ، فهذا لا يعني أن الرجل سكير أو مدمن أيضا ، ولكن قد يعني أنه على علاقة بهذا الصديق منذ فترة قبل أن يصبح سكيرا أو مدمنا ، وأن الوفاء للصديق في شخصية الرجل أقوى من المحاذير ، بل ربما هي دافع له ليحاول إنقاذه ومساعدته .
ويمكننا أيضا أن نوصل المعلومات عن شخصية معينة عن طريق الشخصيات الأخرى وردود أفعالها تجاه تلك الشخصية سواء موجودة في المشهد أم لا . ويمكن خلق التناقضات وجعل الشخصيات مثار خلاف من خلال آراء الآخرين مما يجعل للشخصية أبعادا أكثر عمقا وأكثر أهمية . فعلى سبيل المثال يمكن أن يتحدث شخص عن شخصية ما بشكل سيئ، ولكن يظهر لنا أن المتحدث هو الشخص السيء ، ويعطي ذلك للمتفرج انطباعا بأن الشخصية المتحدث عنها شخصية طيبة ، لأن الأشرار لا يحبون الطيبين.
الجانب الإنساني :
من أهم عوامل رسم الشخصية هو أن تكون شخصية إنسانية، تتسم بصفات تميزها عن غيرها من آلاف الناس الذين في مثل ظروفها . لكن من المهم أن نعرف أن ذلك لن يتم بمجرد الوصف كما تفعل الرواية ، وإنما لابد أن يتم ذلك من خلال أفعال وأحداث . فهذا بخيل لا يريد إنفاق ماله ويمكن إظهار ذلك من خلال مواقف عدة ، وهذا غيور يصاب بحالة عصبية عندما ينظر أحد إلى زوجته فينتج عن ذلك تصرفات معينة ، وذلك غبي والغباء من السهل إظهاره في مواقف عدة .. وهكذا. والنتيجة أن المتفرج يتمكن من فهم أبعاد الشخصية من خلال تصرفاتها وأفعالها. وليس من الضروري رؤية الحدث أثناء حدوثه لنسبر أبعاد الشخصية ، وإنما يكفي أن نعرض نتيجته أو النية في حدوثه.
ويمكن لبعض الأحداث الجانبية غير ذات الأهمية أن تكشف عن بعض أبعاد الشخصية، على سبيل المثال يركل الممثل كلبا أو قطا صغيرا وهو في طريقه إلى البيت، أو رجل يحاول اختلاس النظر إلى الجريدة التي بيد شخص مجاور في المواصلات ، كل ذلك يعلن عن معلومات معينة عن صاحبها .
وهنا يجب أن تكون معالم الشخصية ظاهرة في كل تصرفاتها ، وهذا لا ينطبق على الحالات الانفعالية العابرة ، وإن كانت الحالات الانفعالية أيضا تختلف في مظاهرها من شخصية لأخرى. والشخصية الإنسانية لا تتكون من جانب واحد فقط مثل البخل أو الغباء ، وإنما هي مزيج من جوانب متعددة ، فيمكن أن يتصف شخص بالبخل رغم أنه طيب وذكي ، ويمكن أن يكون آخر مرحا وغيورا .
وتظهر جوانب الشخصية بشكل أكبر عند وضع شخصيات أخرى مناقضة لها ، مثل موظف يتصف بالجدية في عمله وآخر مستهتر. ولذا ينبغي خلق التناقض بين الشخصيات في القصة الواحدة ، فذلك يجعل كل سمة من سمات الشخصية تبدو أكثر حيوية . وذلك يضفي أهمية بالغة على رسم الأدوار الصغيرة . والأفلام الجيدة تتميز دائما برسم جيد للشخصيات حتى لأقلها أهمية .
الشخصيات النمطية وغير النمطية :
هناك شخصيات نمطية، وأخرى غير نمطية ، والشخصيات النمطية هي الشخصيات ذات القوالب المعروفة المتكررة ، الحلاق والبقال وعسكري المرور والجار السمج ... الخ. أما الشخصيات غير النمطية ، أي الأدوار المخالفة للنمط ، فهي على النقيض ، يمكن أن نجعل المحاسب له جسم المصارع المحترف ، والبطلة كبيرة السن أو ذات وزن زائد . والشخصيات النمطية هامة لأنها تقدم للمتفرجين أشخاصا مألوفين لهم ، من السهل التعرف عليهم ومن السهل تقبلهم . أما الشخصيات غير النمطية فهي تجعل العمل يميل إلى الواقعية . ويجب أن يجمع هذه الشخصيات علاقات صراعية ، فهي شخصيات مختلفة، ولا بد أن تكون علاقاتها ذات تركيب معقد على قدر اختلاف الشخصيات.
كيف يمكن تصور الشخصية :
دائما أفضل إجراء هو إطلاق العنان للخيال بمنتهى الحرية . في أي اتجاه وإلى أبعد مدى ، دعه يمسك بلمحة من صديق اليوم هنا ، وبلمحة من عدو الأمس هناك ، وبجزء من حديث استمعت إليه صدفة بعد ذلك . والمبدأ الرئيسي هو أن تتذكر دائما عند هذه النقطة أنه من الضروري أن تبحث عن التباين من أجل السيناريو الذي تكتبه.
اجعل للشخصيات دفترا منفصلا، وربما دفتر لكل شخصية، واكتب لكل شخصية سيرة ذاتية، اذكر فيها كل الحقائق التي تعرفها عن الشخصية، وسجل فيها كل ما يعن لك، وضع لكل شخصية مسار حياة، واهتم بذكر صفاتها التي ستكون ذات حسم في السيناريو، وخاصة الصفات التي ستتعرض للتغيير في انقلاب الشخصية.
وأخيرا... كيف يمكن بث كل المعلومات التي تتعلق برسم الشخصيات المختلفة إلى المتفرج. فكل توصيف للشخصية يحتوي على حقائق يجب عرضها، ويستغرق هذا العرض وقتا ومساحة ، وهذا هو السبب في ميل كثير من المنتجين والكتاب إلى إهمال هذه "الدراسات السيكولوجية"، بدعوى أنها تعوق تقدم القصة وتجعل الفيلم بطيئا . ولكن يمكن اللجوء إلى عدة وسائل لتفادي بطء الفيلم أو أخطاء خلق الشخصيات, ولذلك يجب أن :
1- لا تعرض كل حقائق توصيف الشخصية في البداية، بل يمكن توزيعها على القصة بأكملها، وذلك بإضافة المعلومة حيث تكون مناسبة، فيصبح وصف الشخصية عملية متدرجة ومستمرة. والإضافة المستمرة للمسات ومعلومات عن شخص ما تجعلنا نحصل على اهتمام المتفرج طوال الوقت.
2- ابدأ القصة بعرض أهم هذه العوامل الضرورية لفهم القصة.
3- يجب أن تكون ردود أفعال الشخصيات الأخرى بالنسبة لشخصية معينة متناغمة، ويجب أن نضع في اعتبارنا أثناء ذلك السمات المختلفة لكل شخصية والتي ستؤدي إلى رد الفعل المناسب.
4- اكشف عن المعلومات في الوقت المناسب، ومن الممكن أن يكشف الكاتب عن المعلومة للمتفرج بينما تظل خافية على إحدى الشخصيات، وفي أوديب لا يكتشف أوديب أنه الابن إلا بعد أن يقتل أباه ويتزوج أمه، وهذا رفع من قدر المأساة كثيرا.
5- لا يهم أن تكون الطريقة أكثر إغراءً ، ولكن المهم أن نرى من خلالها أن السمات الشخصية مكتملة إلى النهاية.
6- تذكر أن الفشل في خلق التباين بين الشخصيات وتطوير علاقات ذات معان بينها هو أحد الأسباب الشائعة في تسطيح السيناريو .
تقديم الشخصية :
أولا: عليك أن تدبر أحداثا تأسيسية من أجل الشخصية :
الطريقة الوحيدة للتعبير عن سلوك الشخصية على الشاشة هي من خلال الحركة والحوار. وتولد الأحداث الكاشفة عن فردية الشخصية وعلاقاتها من خلال بناء الحبكة الخاصة بالسيناريو. ويجب تخطيطها بطريقة تخدم الكشف عن مهام هذه الشخصية. ولتنفيذ هذا نقوم بما يلي :
أ. التأسيس المبكر للشخصية : وذلك بتأسيس سمات هذه الشخصية في أول لحظة ممكنة، مما يساعد على جذب عواطف المتفرجين ومشاعرهم تجاه الشخصية في البداية.
ب. تأسيس السمات في الشخصية : الفشل في تأسيس سمات الشخصية في البداية قد يؤدي إلى كارثة حقيقية، فهو قد يؤدي إلى انطباع زائف عن الشخصية.
ومن المفيد أن نعتمد على أربعة إجراءات محددة غالبا ما يتجاهلها الكثيرون:
1) تأسيس انطباع سائد : فإذا كان البطل حسن التصرف فلا تقدمه عند أول ظهور له وهو يسقط على وجهه في الطين.
2) تأسيس الجدارة بالحب : إذا كانت الشخصية جديرة بالحب، فعليك أن تسرع بإظهار ذلك بأن تجعله يفعل شيئا محبوبا، سواء كان ذلك بمساعدة شخص عجوز، أو مداعبة طفل صغير، أو غير ذلك مما يمكن أن تبدعه بخيالك. كما يمكنك أن تعطي الشخصية هدفا يوضح أنها في جانب العدالة والصواب. أو كشخص مرح رغم تعرضه للاضطهاد، المهم أن تجعله جديرا بأن يكون محبوبا.
3) تأسيس إثارة الاهتمام : لتنفيذ هذا اجعله يفعل شيئا يثير الاهتمام ، أو ضعه في مكان مثير للاهتمام ، أو في مكان متغير أو خطر ، أو على النقيض من الظروف أو البيئة المحيطة به ، مثل التباين الاجتماعي ، كالأغنياء ضد الفقراء ، أو الصغار ضد الكبار، أو الذكور ضد الإناث أو أبناء الحضر ضد أبناء الريف ، أو رجال البر ضد رجال البحر أو رجال الشرطة ضد اللصوص الخ .
4) أسس الإمكانات الجسدية وإمكانات الذروة : بالنسبة للإمكانات الجسدية، إذا كانت الشخصية عبارة عن رجل ضئيل الحجم يخاف من خياله فلا يمكن عند الذروة أن يسحب مسدسه ليطلق الرصاص على الشرير ، وإنما يجب أن يؤسس لمثل هذا التصرف بأحداث سابقة لتكون مقنعة ، وعلى سبيل المثال اعرض علينا هذا الرجل الضئيل وهو ينظر بإعجاب إلى الأسلحة النارية في المتحف أو أحد محال بيع السلاح ، أو وهو يتلقى التوجيهات عن كيفية إصابة الهدف . أما إمكانات الذروة فهي قدرة الشخصية على الإحساس بعاطفتين قويتين في وقت واحد . ويتطلب هذا أن تعرض هاتين العاطفتين عند الذروة ، بصورة مقنعة وذلك بعد تطورهما خلال الأحداث في مراحل مبكرة . فإذا كانت العاطفتان اللتان تتنازعان البطل عند الذروة هما الرغبة والواجب ، فيجب قبل أن نصل إلى هذه النقطة أن يعرف المتفرجون أشياء عنهما , فإذا كان من واجب البطل أن يقبض على أخيه ، فيجب أن نرى منذ البداية أنه يقدس الواجب ، وفي نفس الوقت نرى حبه لأخيه واحترامه له، وهنا عند الذروة تتنازعه العاطفتان المتناقضتان بقوة .
فى النهاية المهم هو بناء الحبكة والشخصية معا، وخاصة الشخصية الرئيسية، بطل القصة . والأهم هو العمل بطريقة تتفق وخيالك، ولكن مراجعة العمل تفيد في إصلاح وإضافة الأجزاء الأولى التي يمكن أن تكون قد كتبت قبل أن تتبلور القصة والشخصيات في ذهنك من خلال الأحداث.
ثانيا : عليك أن تحافظ على سمات هذه الشخصية طوال الوقت :
يجب أن تراعي من آن لآخر كلا من الانطباع السائد، والموقف السائد، والهدف السائد، وأن تبرز ذلك في المشهد تلو الآخر. ويجب أن تحافظ على الشخصية متماسكة، حتى خروجها عن المألوف يجب أن يكون داخل إطار السمات المبتكرة لها.
ثالثا : التمسك بمبادئ نمو الشخصية وتطويرها :
نمو الشخصية هو أحد العناصر التي يحب النقاد أن يسخروا منها، إنه يعني أن تبدأ الشخصية في طريق وتنتهي في طريق آخر. ولكن يجب أن نتذكر فقط أن الشخصية تنمو خلال مسار الفيلم بمعنى أنها تتعلم من التجربة . وعموما سوف تجد في أغلب الأوقات أنه من الأفضل الحفاظ على البساطة في كل شيء.
وللاطلاع على المزيد عن الشخصية وكيفية تطويرها أنظر فاعلية الشخصية




فعالية الشخصية
لن يصبح المتفرج مندمج في القصة إلا إذا شعر بأنه على صلة بالبطل وغيره من الشخصيات الرئيسية. ولكي يحدث ذلك، يلزم أن تكون للشخصيات مصداقية، وأن يكون المتفرج على مستوى ما من التعرف عليهم.
اندماج المتفرج :
يحدث اندماج المتفرج في العمل عندما يشعر أنه في دواخله على صلة بالشخصية، وهذا يجعله يهتم بما يحدث له أو لها. وهذا أمر أساسي لأنه يجعله مهتم بما يحدث في القصة وبما تنتهي إليه . ولابد أن يؤسس اندماج المتفرج مع البطل بمجرد أن يبدأ السيناريو، ثم تقويته طوال العمل. ومن المهم أن يتم تأسيسه قبل أن يتم الكشف عن الجانب السلبي من شخصية البطل، وإلا فإن المتفرج لن يتحمل أخطاءه.
 وهناك طرق عديدة لخلق اندماج المتفرج :
1- الفكاهة : في الأفلام، كما في الحياة الحقيقية ، ينجذب الناس إلى الأشخاص الذين يتمتعون بحس فكاهي . ولا يهم أن تكون الفكاهة مؤثرة بشكل واضح. وعلى سبيل المثال، فإن ابتسامة ساخرة قادرة بشكل فائق على تسخين الناس . وفي فيلم بوني وكلايد Bonnie and Clyde ، لم يكن كلايد بارو شخصا طيبا تماما ، ولكن ابتسامته ظلت تأسر المتفرجين وقتا طويلا. وأحيانا لا تتعمد الشخصية الحس الفكاهي، ولكن تصرفاتها تحمل لمحة مضحكة. وعلى سبيل المثال، في فيلم My Darling Clementine، يحتفظ ويت إيرب بفيشات البوكر في قبعته. وعندما يشعر بالملل، يحاول التوازن على الأرجل الخلفية لمقعده. ومثل هذه الصفات المزاجية تضيف بعدا إنسانيا للشخصيات وتساعد المتفرج على الاندماج معهم .
2- الطيبة : على الشاشة، وكما في الحياة الحقيقية، لا يمكن مقاومة الشخصيات التي تتصف بالميل إلى مساعدة الآخرين، والكرم ، والشرف.
3- المقدرة : يعجب الناس بالجدارة، وسوف ينجذبون إلى الشخصيات التي لديها مقدرة على التأثير في الآخرين ، أو إنجاز عمل ما ، أو الحرب في سبيل هدف يستحق .
4- سوء الحظ : من الطرق المختلفة لجذب المتفرجين إلى الاندماج خلق التعاطف أو الاهتمام . ويحدث هذا عندما تتعرض الشخصيات لسوء حظ أو توضع في حالة خطرة . ولا ننسى أن نجيب الريحاني كان يلجأ غالبا إلى فكرة سوء الحظ وكان يحصل على اهتمام المشاهدين على الفور، وما زالت أفلامه تجذب حتى من سبق لهم مشاهدتها مرات عديدة . وفي فيلم Regarding Henry ، ينجذب الجمهور إلى البطل بعد أن يروا عواقب إصابته بطلق ناري في الرأس . والتعاطف والاهتمام أكثر تأثيرا عندما يكون الناس يحبون الشخصية بالفعل ، رغم أن ذلك ليس أساسيا.
العمق والمصداقية :
من المشكلات المنتشرة في الأفلام أن الشخصيات أحادية البعد: إما طيبون للغاية، أو شريرون جدا. لكن الشخصيات ذات المصداقية هي لأفراد أكثر تعقيدا. فلديهم غالبا مشاعر ودوافع تنبع جذورها من خبراتهم الماضية . ويتضمن ذلك الخصم أيضا وليس البطل وحده . وفيما يلي بعض التنويعات التي تساهم في خلق عمق ومصداقية للشخصيات :
 1- القيم والمعتقدات : أقوى طريقة لخلق عمق للشخصية هو أن تعطي شخصية فرد ما طريقة في النظر إلى الحياة وإلى نفسه ، طريقة نابعة من القيم والمعتقدات التي كونتها خبراتها الحياتية السابقة. وهذه الخبرات تحكم كيفية تعامل الشخصية مع ذاتها ومع من حولها.
 2- سمات الشخصية : تتميز الشخصيات المؤثرة بسمات شخصية فريدة تظهر في السلوكيات ، وطريقة الكلام ، ولغة الجسد، والمظهر. والسلوك يكتسب أهمية خاصة لأن معظم ما نعرفه عن الشخصية يأتي من الطريقة التي تتصرف بها ، في حالة الفعل ورد الفعل. ويجب تقديم سمات الشخصية بطرق معينة وملحوظة ، بدلا من الخطب الرنانة.
 3- الطبيعة الخفية : لابد أن يكون للشخصية الواقعية طبيعة خفية تختلف عن السمات التي تظهر للآخرين. وهذه الحياة الداخلية تتضمن أحلاما لم تتحقق، خيبات أمل وآمال خفية . والشخصية تعرف هذه الموضوعات، لكنها تضع في المقدمة صورة مختلفة لإخفائها . وتصبح الطبيعة الخفية واضحة عندما تقابل الشخصية ضغوطا متزايدة أثناء القصة .
4 - النقص أو نقطة ضعف الشخصية : كما ذكرنا من قبل ، يجب أن تتصف شخصية البطل بنقص ما أو نقطة ضعف ما تتسبب في تصرفات لا ينتبه إليها أو لا يعيها . ونقطة ضعف الشخصية تسبب خلافات مع الشخصيات القريبة إلى البطل ، وفيما بعد تقدم وعاء ينقل لنا تطور الشخصية ونموها.
 5- التباينات : تساعد التباينات بين الشخصيات في بلورة وتحديد كل شخصية، بينما تضيف التباينات داخل الشخصية الواحدة إلى عمق تركيبها . والتباينات أساسية لأي عمل سردي ، حيث أنها تقدم أسبابا للصراع والتوتر.
 6- السلوك : لابد أن تكون أفعال الشخصيات، وردود أفعالها، تتم بطرائق منطقية ولكن غير متوقعة. وبتعبير آخر، لابد أن يكون التصرف مثيرا للدهشة ولكن في نفس الوقت ذو مصداقية . وبالإضافة إلى ذلك ، لابد أن يكون السلوك متسقا مع الشخصية ومعلومات القصة التي تم توصيلها وتطويرها من قبل . أما المصادفات فهي غير مقبولة.
 7- الاسم والمهنة : يمكن أن يكون الاسم موحيا بسمات شخصية معينة. وأفضل مصادر للحصول على الأسماء هى الكتب المخصصة لاختيار أسماء الأطفال ، أو دليل التليفون . أما المهنة فلا يجب أن تحظى إلا باللمس الخفيف إلا إذا كانت على علاقة بالقصة أو الموضوع ، حيث أن تكرار ذكرها سيؤدي حتما إلى ملل المتفرجين.
طرق تفاعل الشخصيات الدرامية:
1- عليهم أن يختبروا الصراع لتحقيق حاجتهم الدرامية.
2- عليهم أن يتفاعلوا مع شخصيات أخرى ، إما بطريقة عدائية أو ودية أو غير ذلك . فالدراما هي الصراع .
3- على الشخصيات أن تتفاعل مع نفسها ، فعلى الشخصية الرئيسية أن تتغلب على مخاوفها من دخول السجن لتتمكن من إنجاز السرقة بنجاح.
وربما يكون من المجدي أن تخصص كراسا مستقلا لبطلك. وفي هذا الكراس يمكن أن تضع المعلومات حول ماضي بطلك، أو تقوم بمناقشة أشواقه ورغباته التي تشغله. ويمكنك وضع بعض الصور من المجلات التي تساعدك علي تصور شكل بطلك أو حتى رسمه بنفسك. ويمكن أيضا تسجيل بعض الملاحظات التي قد تكون تبادلتها مع الأصدقاء. وتدريجياً مع كل هذا الاستكشاف والتجريب، ستتشكل شخصية البطل. وأخيرا ستحتاج بعد ذلك لمزيد من التشكيل والتكوين ليصبح البطل كائن ثلاثي الأبعاد . فالفعل الدرامي هو قوام الشخصية. والفيلم السينمائي هو وسيلة بصرية، ومسئولية الكاتب اختيار الصورة التي تجسد تلك الشخصية سينمائيا بوضعها في قالب درامي.
تطوير الشخصيات :
يلاحظ كتاب السيناريو المتمرسون أن بعض الشخصيات تبدو وكأنها "تكتب نفسها". مثل هذه الشخصيات تتحرك بشكل طبيعي من حبكة إلى أخرى، ويبدو وكأن الكاتب لا يبذل سوى مجهود قليل للغاية في ذلك. وبالطبع الكاتب هو الذي يقود هذه العملية، لكن الشعور بأن الشخصيات تكتب نفسها يحدث عندما تكون قبضتك ممسكة تماما بكينونة الشخصية وأهدافها. ففي هذه الحالة يصبح الفعل ورد الفعل وظيفة من وظائفها، وليست مجرد أدوات ميكانيكية أو حيلا مقحمة. والتقنيات التالية يمكن استخدامها لتطوير شخصيات قوية ومؤثرة :
المصادر :
عندما تبني شخصيات درامية، ابدأ من نفسك، ثم الآخرين. فهذه مصادر يمكنك أن تأخذ منها سمات الشخصيات، وذكريات، وآمال، وإحباطات، وأحلام يقظة، وخيالات. لا تستخدم أبدا في مصادرك شخصيات خلقها كتاب آخرون. فهذا الشخصيات التي يعاد استخدامها سوف تتطور بشكل ثابت لا يتغير إلى كاريكاتور أو مجرد كلاشيهات. وعلى كل الأصعدة، يجب تجنب الشخصيات النمطية.
السيرة الذاتية للشخصية :
كتابة سيرة ذاتية للشخصية مفيدة لأنها تحدد الشخصية من خلال أوجه حياتها الشخصية والمهنية والخاصة. وهي تساعد أيضا في تحديد السمات الشخصية والسلوكية، والتي تكون جذورها عادة في الماضي . وأحداث الماضي تلقي بالضوء على الكيفية التي سوف تتصرف بها الشخصية في الظروف الحالية.
وعلى سبيل المثال ، الشخصية التي أصابها أذى في الماضي ، قد تقوم بدور البادئ بالعدوان إذا ظهرت ظروف مشابهة في المستقبل . وربما إذا منعت الشخصية من أخذ دور البادئ بالعدوان في هذه الحالة ، ربما تشعر بنفس الألم القديم بشكل ما . وهذه تقنية دفاعية ، جذورها مستمدة من الماضي ، ضد التعرض للأذى مرة أخرى . ويجب أن تكون السيرة الذاتية للشخصية قصيرة وموجزة، وتلقي الضوء على أهم التحولات في حياة الشخصية . فلا تكتب إلا ما تراه ضروريا وكافيا لجعل عصارات الإبداع تتدفق إلى السيناريو , حتى لا تتحول إلى كاتب سيرة ذاتية.
تطوير الصراع :
أحد المشاكل التي يقابلها الكتاب الجدد مع الصراع هو أن تميل المشاهد إلى أن تكون كئيبة. وتصبح واحدا بعد الآخر مثيرة لملل المتفرج . وأسوأ حالة للسيناريو هي حالة بطل يثور بسرعة وبطلة تنهمر دموعها في لحظة. ويمكن أن تنطوي المشاهد على قدر كبير من الصراع ، ولكن قد تكون مرحة أو حتى مضحكة . فإذا كان عندك شك في ذلك، شاهد أي فيلم لوودي آلان. ولتفادي الكآبة أو المشاهد التي يمكن التنبؤ بها، لابد أن تتجه عكس توقعات المتفرج بالبحث عن لفتة فريدة حول كيفية فرد المشهد . وأفضل طريقة هي عمل مجموعة من الأفعال وردود الأفعال المجنونة والمفاجئة للشخصيات في المشهد، ثم تقرير أي من هذه السيناريوهات هو أكثر الطرق منطقية في إطار القصة . والهدف هو اكتشاف تصرف لا يتوقعه المتفرجون ، ولكنه منطقي في هذه الظروف.
علاقات الشخصيات :
كما سبق القول ، الدافع الداخلي للبطل يتطور من خلال علاقاته بالشخصيات الأخرى ، مثل الصديق أو الحبيبة. والإجابة على الأسئلة الآتية سوف يساعد على تحسين هذه العلاقات :
• ماذا تريد الشخصيات من بعضها البعض ؟
• ما هي مشاعرها الحقيقية تجاه بعضها البعض ؟
• ما هي الأشياء التي يشاركون بعضهم البعض فيها ، وما هي الأشياء التي يحجبها كل منهم عن الآخر ؟
• كيف يلاعبون بعضهم البعض ؟
عمل رسم بياني:
يجب أن تظهر جميع الشخصيات الرئيسية بانتظام خلال الفيلم ، إلا إذا ماتت إحدى الشخصيات. ومن الطرق الجيدة التي تظهر تطور الشخصية بشكل جيد عمل جدول متابعة للشخصيات في كل المشاهد بالترتيب. ويمكن عمل ذلك باستخدام خاصية الجدول على برنامج الكلمات word processor ، أو يمكن عمله باستخدام الورقة والقلم.
عند البدء في تنظيم الجدول، توضع قائمة بالشخصيات في العمود الرأسي الأيمن للجدول، وقائمة بالمشاهد على السطر العلوي الأفقي. وعندما تظهر شخصية في مشهد ما، توضع علامة X في عمود المشهد في السطر المقابل لاسم الشخصية. ويمكن استخدام رموز أخرى للإشارة إلى العوائق، أو مشاهد الكشف ، الخ. ويمكن وضع ألوان لبعض المربعات لعزل خطوط القصة المختلفة . هذا الجدول سوف يكشف مدى انتظام ظهور الشخصيات ، ومنحنى النمو. وإليك نموذجا بسيطا :

الحفلة
الحب
الحريق
المقهى
الانفصال
عبير
x
x

R
x
أيمن
x
x


x
مصطفى
x

x


أسماء
x




جورج
x


x

وعمل الجدول هو أداة قوية يمكن تعديلها لتلبي حاجة كل كاتب. وعلى سبيل المثال، يمكن تنظيم الجدول إلى مقاطع تشير إلى المشاهد ومواضع الذروة في الحبكة. ويمكن أن يساعد هذا على تحديد ما إذا كان قد تم تلبية جميع متطلبات البنية ، مثل الفصول الثلاثة كحد أدنى ، والأحداث الدافعة والمحركة ، ومواضع الذروة في الحبكة .

بنية الحوار
منذ أكثر من خمسة قرون لم يكن ليوناردو دافينشي يدرك أنه يساهم دون أن يدري في وضع مفهوم للفن السينمائي عندما قال بأن العين هي نافذة النفس البشرية وأنها الوسيلة الأساسية التي يمكن بها إدراك مظاهر الطبيعة اللانهائية إدراكا كاملا، وأن الأذن هي الوسيلة الثانية وهي تستمد أهميتها من أنها تسمع الأشياء التي رأتها العين . لقد أرسى دافينشي بقوله هذا أهم قاعدة في الفن السينمائي وهو إبراز الصورة على الصوت .
وعندما تخلت السينما عن صمتها ، وتخلصت من عجزها وخرجت من عالم الصمت الرهيب إلى عالم الصوت والصخب ، نطق الممثلون وهدأت حركاتهم بعد أن كانوا يلوحون ويأتون بحركات عصبية غريبة وإيحاءات مبالغ فيها ، وبدأوا يستعيدون طبيعتهم وآدميتهم على الشاشة البيضاء ، بل إن حركة الكاميرا نفسها قد هدأت هي الأخرى وقللت من سرعتها، وأصبح لدينا الفرصة لتأمل اللقطة وما تحتويها من قيم سينمائية جمالية.
ولكن دخول الصوت إلى السينما لم يكن من السهل قبوله عند البعض، ممن كانت أفلامهم تعتمد في الأساس على التمثيل الصامت كتعبير بفن "البانتوميم" ، ومن هؤلاء شارلي شابلن الذي لم يتقبل السينما الناطقة في البداية، وقال عندما سئل عنها : "الأفلام الناطقة ؟ يمكن أن تقول إنني أكرهها ، فهي قادمة لإفساد أقدم فن في العالم ، البانتوميم، إنها تمحو جمال الصمت العظيم!"
ويحاول أندريه بازان أن يؤكد أهمية الصوت للفيلم كجزء أساسي ومكمل للفن السينمائي مشيرا إلى أن الفيلم الصامت كان يدور في عالم قد حرم من الصوت. وإذا اعتبرنا أن السينما هي محاكاة للحياة الواقعية، وأن الصوت، والحوار، جزء من الحياة الواقعية بالفعل، فيمكننا أن نقول إن الفيلم الصامت لم يكن يستطيع أن يؤدي وظيفته على الوجه الأكمل بسبب افتقاره لعنصر الصوت عامة وللحوار خاصة.
أصبح الحوار في الفيلم السينمائي من أهم المكونات الضرورية البارزة التي يتكون منها الفيلم، إلا أنه مر بمرحلة صعبة نتيجة التعثر ومحاولة اقتفاء خُطى المسرح في استخدام الحوار. ويعتبر الحوار في المسرحية هو كل شيء، أما في السينما فلأنها وسيط بصري في الأساس، فالأفضل أن يتم توصيل المعني من خلال الصورة بدلا من الكلمة . لذلك يجب أن يفكر كاتب السيناريو بلغة الصورة ، واضعاً في اعتباره عنصر الحركة ولغة الجسد قبل الحوار . وبتعبير آخر يجب أن تكون هذه العناصر مركبة وثرية بقدر الإمكان , بينما ينبغي أن يكون الحوار بسيطاً.
لذا ينبغي ألا نلجأ إلى الحوار لتوصيل معلومة يمكن استخدام الصورة في توصيلها ، فالصورة أكثر جمالية وإقناعا. ومع ذلك، فإن الناس يتكلمون في الحياة الحقيقية ، ولذلك يجب أن يتكلموا في الأفلام السينمائية ، وسوف يصبح من السخف أن نحتقر فائدة الحوار، ولكن يجب أن نضعه في مكانه المناسب داخل الإطار الكلي .
إذن ما هي الأمور التي يجب علينا مراعاتها فيما يتعلق بكتابة الحوار ؟ إنها تقع في ثلاثة نوعيات : مهام الحوار، وتتابع الحوار، وواقعية الحوار. 1. مهام الحوار : إذا أردنا أن نوجز وظائف الحوار الرئيسية، سنجد أنها تنحصر في النقاط الأربع التالية : أ) أن يقدم معلومات : من الواضح أن هذه هي المهمة الأولى للحوار، لكن المشكلة التي يجب أن نضعها في الاعتبار أن الحوار الجيد يجب أن يقوم بهذا الدور دون أن يعوق أو يعترض تدفق القصة. ب) أن يكشف عن العاطفة : ينبغي أن تكون كل جملة حوار يقولها المتحدث كاشفة عن حالته النفسية ومشاعره ، ويقول دوايت سوين أن "الجمل التي تفشل في هذا "ميتة" ولا تسهم في الإحساس بصعود الحدث الذي يبحث عنه المتفرجون. والسبب الذي يؤدي إلى فشل الحوار الذي يكتبه المبتدئون هو أنهم لا يكونوا مدركين للتدفق المستمر والتغيير في الحالة النفسية للمتحدث، وينتج عن هذا أن تفشل الكلمات التي يضعونها في فم المتحدث في التعبير عن أحاسيسه. ج) أن يدفع الحبكة إلى الأمام: لا يجب على الحوار الجيد أن يكتفي بدفع الحبكة إلى الأمام فقط، بل يجب عليه أيضا أن يفعل ذلك دون أن يدرك المتفرجين أنه يفعل ذلك . فالحوار في الفيلم لا يمكن أن يعتبر عنصرا منفصلا عن الصورة ، ولكي يؤدي الحوار مهمته يجب أن يتكامل مع الشكل الذي يصممه كاتب السيناريو، حتى يخلق ذلك التوترالذى يدفع الحبكة الى الأمام إلخ. د) أن يحدد شخصية المتحدث والشخص الذي يتحدث إليه : أى يجب أن يعبر الحوار عن المتحدث : خلفيته، وتعليمه، ومركزه الاجتماعي، ومهنته، والبيئة التي يعيش فيها أيضا، فالحوار هنا من وسائل رسم الشخصيات ، والحديث يمكن أن يكشف عن معلومات هامة تتعلق بالشخصية، حتى لو لم يتم قولها. وعلى سبيل المثال، بمجرد أن يتكلم شخص بعبارة بسيطة نستطيع تحديد المدينة التي جاء منها، أو بلده (إذا كان يتحدث بلكنة أجنبية) ، كما يمكن تحديد مكانته الاجتماعية، وربما مهنته أيضا. كما يرتبط الحوار بحاجة الشخصية وأحلامها، ويكشف عنها، وعن الحالات العاطفية والسمات الذاتية لها، فالحوار يجب أن يعبر عن مواقف الشخصية ومشاعرها. . وعلى سبيل المثال، لا يستطيع شخص يعمل "مراكبيا" مثلا، أن يتحدث بنفس اللغة التي يتحدث بها طبيب أو أستاذ جامعي، كما لا يتحدث أحد أبناء الريف بنفس الطريقة التي يستخدمها أبناء مدينة كبيرة، حتى لو كانوا من نفس المستوى الاجتماعي. وفي نفس الوقت فإن الكلمات التي يحادث بها رجل بالغ طفلا صغيرا سوف تتغير عندما يتحدث إلى شخص بالغ مثله أو امرأة .. الخ. وفي نفس الوقت فإن الحوار هو نفسه من وظائف الشخصية، فإذا كنت على معرفة جيدة بالشخصية التي تكتبها، فلابد أن يتدفق حوارها منسابا بسهولة وبساطة، وبخط يتماشى مع سير الأحداث في الرواية.
وكتابة الحوار عملية تصبح أسهل كلما مارستها أكثر. وقد يبدأ الكاتب فى كتابة السيناريو فيجد صعوبة في كتابة حوارات موفقة، لكن بعد أن يكتب جزءا من العمل ويجد نفسه قد أصبح أكثر تشبعا بالشخصيات سوف تنساب الحوارات بنعومة لتؤدي الوظيفة المطلوبة، وبالمران والممارسة ستصبح أسهل ، وبعد ذلك يمكن العودة إلى الجزء الأول من السيناريو وإعادة النظر فيه ليصبح سلسا ومقبولا. وعندما تصل إلى فهم أشخاصك ، ستجد أن الحوار هو أحد أدواتك المفيدة جدا لكي تفصح عن بصيرتك وتكشف عنها .. بحيث تضعها في شكل يسهل على المتفرجين أن يفهموه وأن يستخلصوا منه القيمة العاطفية الكاملة .
2. تتابع الحوار :
كيف تجعل الحوار متماسكا مع بعضه البعض ؟ هناك الحيلة المسماة "رباط الحوار"، وهي تضمن أن كل كلام يقال يتسلم من الكلام  الذي سبقه ويعترف به. فكل جملة من الحوار ينبغي أن تعترف بالحديث السابق وتدعم عنصر التتابع الذي يجعل الحوار الجيد متماسكا مع بعضه.
وأنواع الأربطة التي يمكن استخدامها في الحوار متعددة ، منها رباط السؤال/الجواب، ومنها جملة/ اعتراض، أو تكرار آخر كلمة، أو تكرار الكلمة المركزية في جملة الحوار المقابل ، ولكي نفهم تطبيق ذلك بشكل عملي ، لنلق نظرة على بضع لقطات من مشهد 14 من سيناريو ريا وسكينة، الذي كتبه كل من نجيب محفوظ وصلاح أبو سيف، وكتب له الحوار السيد بدير:
http://www.arabfilmtvschool.edu.eg/images/TheScenario/scr_struc_02.gif
في بداية اللقطات التي اخترناها لنستشهد بها، ينادي الضابط على ست دلال قائلا "اتفضلي يا ست دلال"، ويأتي رد دلال ليس بالكلمات، وإنما بالفعل، فهي "تدخل في خوف"، وهنا اقترن الفعل بحالة عاطفية، وهذا رد يتناسب جدا مع الموقف الذي تواجهه دلال. وعندما يقول الضابط لدلال "إزيك ياست دلال.." ترد عليه "نحمدوه.." وهذا الرد يحمل معنى أنها تعترف بالحديث السابق، وفي قول الضابط "حلوين الأساور اللي غيرتوهم امبارح.." ثم رد دلال (باستغراب) : "أساور إيه؟" نستطيع أن نعتبر جملة الضابط رباطا للاعتراض الذي ترد به دلال (وهي تكرر الكلمة المركزية في جملة الضابط)، وأيضا دعم لعنصر التتابع, وفي قول الضابط: "آه الستات اللي حيغيروا لها الصيغة ، مش كده.." يأتي الرد على شكل "دلال تهز رأسها بالموافقة" أي أنها لا ترد بكلمات، وإنما بهزة من رأسها.
وينبغي الحفاظ علي تسلسل الأفكار واضحاً أثناء تواصل الشخصيات من خلال استخدام آلية الفعل ورد الفعل في بناء الحوار. ويأتي رد فعل الشخصية بالتعبير عن موافقة, أو رفض, أو شك, أو تجاهل, وهذا الأخير من ردود الأفعال المثيرة لانتباه المتفرج حيث تقوم الشخصية بتخطي ما قيل منذ لحظات قليلة وتغيير الموضوع, أو الرجوع إلي فكرة كان قد سبق طرحها. وهكذا تسير الأمور، حيث تشكل كل عبارة ينطق بها أحد الطرفين رباطا للحوار، والمهم هنا هو فهم المبدأ الأساسي المرتبط بهذا الجانب، يجب على كل كلام أن يتماسك بطريقته بالكلام الذي سبقه.
3. واقعية الحوار :
يقول دوايت سوين أن الكاتب أثناء كتابة الحوار يجب أن يدرك "أن هناك عالما كاملا من الاختلاف بين الحديث والكلمة المكتوبة، وأن الحوار الجيد يكافح لكي يصل إلى نغمة الحوار. إنه يحاول أن يتجنب الجمود والأشكال التقليدية التي تحيط بنا عندما نمسك بالقلم في يدنا". ويقوللا: "يجب عليك أن تبحث عن مذاق ولون اللغة المنطوقةلا، مع استبعاد الابتذال والتكرار والتلكؤ الذي يبدو أننا ننغمس فيه أحيانالا، إلا من قدر قليل منه ليكون بمثابة الملح على الطعام" .
ويتحاور معظم الناس باستخدام جمل بسيطة وواضحة , وهذه صفة هامة كذلك من صفات الحوار السينمائي , لذلك يجب أن تكون فقرات الحوار قصيرة وبسيطة بقدر الإمكان , مع تجنب الأحاديث الطويلة التي تبدو غير طبيعية، ويجب ألا يحتوي الحوار السينمائي علي التفاصيل والتكرار الموجود في كلامنا اليومي المعتاد . فلابد أن يتم ضغطه لينقل أكبر كم من المعلومات بأقل كلمات ممكنة . . ويمكن أن يتم تقسيم الفقرات الحوارية الطويلة برد فعل الشخصية , أو بمقاطعة من شخصية أخرى , أو بإظهار لمحة من التأثر التي يثيرها الحديث ، ويمكن أن يكون هذا في شكل حوار أو فعل . ويجب أيضاً تفادي الحوار المتوازن بدقة شديدة لأنه يبدو مصنوعا ً, إلا إذا كانت هناك حاجة لهذا لإعطاء تأثير معين . بل ويجب أن يشعر المتفرج وكأنه يتلصص علي الشخصيات ويستمع إلي حوارها الحقيقي .
  وهناك عدد من النقاط التي قد تساعد كاتب السيناريو على كتابة حوار جيد :
1) يجب أن يكون الحوار مميزا لشخصية المتحدث : أى أن يكون معبرا عن نوع الثقافة التي تنتمي إليها كل شخصية، بمعنى أن يستخدم الكاتب لكل شخصية الكلمات التي لا تخرج عن نطاق بيئتها الاجتماعية ، والتعليمية ، والمهنية ، وذلك بالإضافة إلى بيئتها الجغرافية . وعلى سبيل المثال يتحدث العامل الميكانيكي في الجراج مع أشياء ميكانيكية ، ولابد أن يكون حواره منمقا برطانة حرفته، مع عدم المبالغة في ذلك بحيث نستخدم تفاصيل يجهلها أغلب المتفرجين. ومن جهة أخرى لابد أن تتميز كل شخصية بأسلوبها الحواري الخاص , وأن يكون لها مفرداتها المفضلة , وإيماءاتها المصاحبة لحوارها والتي تختلف أيضاً عن أية شخصية أخرى.
وللتأكد من تمايز حوارات الشخصيات يمكن تبديل الحوار بين أي شخصيتين علي سبيل التجربة , فإذا كان هذا التبديل لا يسبب مشاكل , ينتفي علي الفور هذا التمايز الضروري لإضفاء اللمسة الواقعية المطلوبة للحوار، وعلى كاتب الحوار تجنب استخدام اللهجات والتعبيرات التي لا تناسب الشخصية.
وإذا كانت إحدى الشخصيات تتحدث بلكنة ما أو تتصف بنوع من اللدغ أو اللثغ أو غير ذلك في النطق , يفضل وصف ذلك بدقة عند تقديم الشخصية للمرة الأولي, ثم كتابة بقية حوارها بشكل طبيعي . ويمكن أن تكتب السطور القليلة الأولى بالنطق المفترض لهذه الشخصية لتوضيح اللكنة، ولكن يجب العودة إلى الكتابة الطبيعية بمجرد الاطمئنان إلى أن القارئ قد وعى نموذج النطق . ويمكن تكرار هذا في المشاهد الدرامية ، ولكن مع استخدام بنية لغوية سليمة بقدر الإمكان .
2) اللغة المنطوقة والصياغات اللفظية : بما أن الحوار الجيد يعبر عن اللغة المنطوقة، فيمكن الاستفادة بما في اللغة المنطوقة من مزايا، مثل الاختصار والبناء للمجهول . على سبيل المثال لا داعي لأن تقول "كيف يمكن للشخص أن يصل إلى المكان الفلاني"، والأفضل أن تقول " كيف يمكن الوصول إلى المكان الفلاني" أو "إزاي نروح ..." بدلا من "إزاي الواحد يقدر يروح" ... الخ .
ويمكن للكاتب استخدام بعض الصيغ اللفظية المعتادة في حوارات الشخصيات ، فهي تدخل بعض الكوميديا اللطيفة، وقد تساعد على تطوير بعض الشخصيات. ولكن الإفراط في ذلك قد يؤدي إلى نتائج عكسية. وفي مسلسل "لن أعيش في جلباب أبي" استخدم المؤلف نوعا من الصيغ اللفظية المشابهة للأمثال الشعبية في حوارات نور الشريف ، وإن لم تكن أمثالا لكن الشخصية تسبقها بقولها: "وعلى رأي المثل"، والواقع أن هذه الصيغة الخاصة بالشخصية كانت أحيانا تستخدم بشيء من المبالغة فتأتي في مواقع أو توقيت غير مرغوب .
وتعتبر تسلية المتفرج عن طريق الفكاهات أمرا تافها ـ وهي تؤدي إلى فقدان الشخصية للواقعية ـ ولكن إدخال قفشة أو لفتة فكاهية من حين لآخر يفيد إذا لم نجازف بطبيعة الشخصية. ويمكن اتخاذ فيلم الزوجة الثانية نموذجا للحوار الذكي والأقرب للواقعية، وفيه الكثير من المواقف التي تستعين بلمسة فكاهية بطريقة بارعة، ويكفي أن نستشهد هنا بمشهد تتحدث فيه فهيمة زوجة علوان إلى نظيمة زوجة العمدة وتعايرها بعدم قدرتها على الإنجاب كما تعاتبها لإساءة العمدة لولديها :
http://www.arabfilmtvschool.edu.eg/images/TheScenario/scr_struc_03.gif
http://www.arabfilmtvschool.edu.eg/images/TheScenario/scr_struc_04.gif
والصياغة اللفظية الكوميدية خاصية تحدث تأثيرا طيبا، على أن تكون بشكل غير مبالغ فيه. ويجب أن يضع الكاتب في ذهنه دائما أن الصيغ اللفظية المعتادة في أفضل حالاتها هي مجرد دعامات ولمحات قصيرة واهية يجب ألا يفرط في استخدامها. والمعتاد في السيناريوهات المغرقة في الفكاهة أنها تفتقر إلى رسم الشخصيات ، وهي من العيوب الشائعة في الكتابة السينمائية بشكل عام والفكاهية منها بشكل خاص. 3) بعض المتحدثين يرتبكون ويترددون ويقاطعون سواهم كثيرا. ويجب مراعاة عدم المغالاة في ذلك إلا إذا كانت الشخصية يقصد إظهارها بمظهر معين . 4) يجب أن يكون أغلب الكلام مختصرا , كما سبق الذكر. وليس معني ذلك أن الفيلم لا يمكن أن يحتوي حديثا طويلا، لكن الصورة العامة، سواء في الحياة أو عند كتابة السيناريو، هي في صالح الحديث القصير. 5) غالبا ما تحل الحركة محل الحديث . كما رأينا في نموذج الحوار السابق ، حيث يأتي رد دلال على سؤال الضابط بهزة من رأسها ، والغالب أن الحركة توضح موقف الشخصية أكثر من الكلمات، وبالتالي فإن أفضل طريقة للتناول هي مراعاة أن رد الفعل الحركي هو أكثر من مجرد الكلمات . 6) الحديث الواقعي يتسم بالعاطفة ، فهو يعبر عن الحزن والغضب والفرح .. ألخ ، فأغلب الناس يتجهون إلى الكلام من منطلق أحساسيسهم أكثر من منطلق الواقع . 7) يجب تجنب الحوار الممل ، وأن تكون الشخصيات موجهة نحو هدف، فكل كلمة يجب أن تضيف شيئا جديدا. 8) احذر ان تتطوع شخصياتك بتقديم المعلومات ، فلا تجعل الحياة سهلة بالنسبة لبطل فيلمك، أو أي شخصية أخرى . فلا تجعل بطلك يحصل على المعلومات بسهولة ، بل دعه يحارب حتى يصل إليها .
9) الواقع أن الصراحة هي عملة نادرة ، ومن ثم فالأوقع هو أن نجد في الحديث الأكاذيب والمراوغات وتلطيف التعبيرات والمبالغات والسخرية وما إلى ذلك .
وبعد كل ما سبق، فإن الخطوة الأولى في كتابة الحوار كما ينصحنا دوايت سوين هو أن نتعلم الإصغاء ، أن ننتبه لما يقوله الناس حولنا، وأيضا إلى كيف يقولونه .
اللهجات وتعدد اللغات في الحوار :
تستخدم اللهجات وسيلة لإبراز الشخصية، فلهجة الكلام إضافة هامة في رسم الشخصيات، ويمكن أن تلقي ضوءا على البيئة كما ذكرنا ، كما يمكن أن تضفي على الشخصيات طابعا مميزا . ويمكن أن تضفي أيضا بعدا ثالثا إلى بعض الشخصيات الثانوية التي لا يوجد وقت لتعميقها في السيناريو .
ويتجنب معظم الكتاب استخدام اللهجات لأنها بحاجة إلى دراسة ، ومن الصعب أن يدرس كاتب السيناريو كل اللهجات . وهناك اختلافات دقيقة بين اللهجات من الصعب استيعابها كلها. والحل الوسط هو استخدام أقل كمية من اللهجات ، كما أن مساءلة شخص متخصص أو أحد الأشخاص من أبناء نفس اللهجة قد يكون مفيدا .
وفي نفس الوقت ثمة مشكلة هامة تتعلق باستخدام اللغات الأجنبية، أى كيف يمكن معالجة الشخصية المتحدثة بلغة أجنبية بحيث تحقق نتائج مُرضية جماليا ؟ والأغلب أن يلجأ الكاتب إلى استخدام اللغة العربية أو لغة الفيلم الأصلية على أن يرددها الممثل بلكنة أجنبية ، وهي الطريقة الأسهل والأكثر إرضاء، ولكن بعض الكتاب يلجأون إلى أن ينطق المتكلمون باللغة الأجنبية بها مع إضافة سطور ترجمة ، وهو ما لجأ إليه المخرج سيد سعيد في فيلم "القبطان"، حيث جاءت الحوارات الأجنبية بلهجتها مع إضافة شريط ترجمة على الفيلم .
ورغم أن هذا الحل يعتبر حلا شجاعا للجوء الكاتب إلى استخدام لغة الكلام كما هي في الواقع، ولكن في نفس الوقت تتعثر الأفلام التي تلجأ إلى هذا الحل لأن المتفرج لا يلم بالطبع بكل اللغات ، ولذا يلزم اللجوء إلى شريط ترجمة ، وهو ما يعتبر بديلا قاصرا ، لأنه ينطوي على مشاكل شريط الترجمة المعتادة من تشتيت الانتباه البصري عند المتفرج ، وضياع بعض الحدث أثناء تقسيم الانتباه بين المشاهد وشريط الترجمة . هذا بالإضافة إلى المشاكل الكثيرة التي تعانيها ترجمة الأفلام أصلا من اختصار الحديث وتسطيحه أحيانا . وحتى طريقة الدوبلاج ، وهي محاولة وضع كلمات تناسب حركة الشفاه في اللغة الأخرى بقدر الإمكان، تعتبر قاصرة، فهي أيضا تنطوي على مشاكل الدوبلاج المعروفة ، من أن محاكاة حركة الشفاه لا تكون كاملة، ووقوعنا في مشكلة استفزازية من حالة عدم التزامن بين الصوت والصورة ، واضطرار المترجم إلى اللجوء إلى كلمات قد لا تكون معبرة بما يكفي عن الحوار الأصلي، كما أن بعض الشخصيات تمتاز بأداء صوتي متميز لا يمكن نقله في حالة الدوبلاج ، فتفقد الشخصيات جانبا هاما من جوانبها الفنية. ومن الممكن اللجوء إلى كتابة حوار تفسره الأحداث المصاحبة وحركات الممثل ، وهي طريقة يمكن استخدامها في تفسير الحوار الأجنبي مع تركه كما هو. ويجب التأكيد على استخدام البانتوميم في أفعال الشخصيات التي تستخدم لغة أجنبية. وأفضل الطرق لمعالجة هذه المشكلة بالإضافة إلى استخدام البانتوميم التركيز على استخدام الكلمات الأجنبية التي لها معنى مفهوم عند المتفرج ، ولا ننسى أن هناك كلمات كثيرة أصبحت عالمية الاستخدام، كما أن هناك كلمات أخرى مشتركة بين اللغة العربية ولغات أخرى خاصة اللغات الأوروبية. ويمكن أن يعتمد الكاتب على ذلك بحيث يفهم الناس المراد قوله من بعض الكلمات بالإضافة إلى حركات البانتوميم . المونولوج : لا تزال بعض الأفلام تلجأ إلى استخدام المونولوج رغم أنه يعتبر خطأ فنيا، إذ يقطع تسلسل الأحداث، وليس له سند من الواقع. والمونولوج يعتبر من بقايا المسرح التي لا تزال عالقة بالسينما ويجب التخلص منها . ولا يجب اللجوء إلى المونولوج إلا عند الضرورة الفنية التي لها مردود واقعي وقابلية للتصديق ، كما في الصلوات الحارة ، أو إلقاء خطبة ، أو كما يحدث لشخص مصاب بهوس أو غير ذلك . ويجب محاولة تخطي المونولوج الداخلي(Inner monologue) أيضا في فن السينما، فالصورة هي المفردة الأولى في السينما، وهي التي يجب أن تكون المدخل إلى معرفة مشاعر وأفكار الشخصيات. ومع ذلك، لا ننسى أن استخدام أي وسيلة من الوسائل الفنية للتعبير يعتمد أساسا على الرؤية الفنية لصانع الفيلم، ويمكن أن يأتي عكس التوقعات. ورغم التحذير من استخدام المونولوج الداخلي، فقد استخدمه صلاح أبو سيف بنجاح كبير في فيلم القاهرة 30، 1966،  لشخصية محجوب عبد الدايم , والذي أدى دوره الفنان حمدي أحمد، واعتبر من الأدوار المتميزة والناجحة للغاية في كلاسيكيات السينما المصرية. وفي أحيان كثيرة يعتبر المونولوج الداخلي لا غني عنه و ليس ضعفا فنيا و ذلك عندما يقوم البطل برواية الأحداث و التعليق عليها مثل في حالة دي نيرو في فيلم سائق التاكسي و أحمد زكي في أرض الخوف .
النص الظاهري والمعنى المستتر للحوار :
في الحياة الواقعية، نادراً ما يعبر الناس عن مشاعرهم بشكل مباشر, إما لتجنب المواجهة مع الآخرين, أو لأنهم غير واثقين تماماً من طبيعة هذه المشاعر . وهذا ينطبق أيضاً علي الشخصيات الهامة في أي عمل درامي . لذلك لابد أن يكمن المعنى الحقيقي للمشهد في مستوى أبعد مما يبدو للوهلة الأولى ؛ وهناك عبارة قديمة مشهورة تقول إذا كان المشهد يدور حول الموضوع الذي يدور حوله , فإن به عيبا. ولا يعني هذا بالطبع أن الشخصيات يجب أن تكذب علي بعضها طوال الوقت , بل المقصود أن يكون المعني الحقيقي أبعد من المعني الحرفي للكلمات ، أو أن هناك مستوى آخر من الحقيقة ، حتى في اللحظات التي تحاول فيها الشخصيات أن تكون صادقة. وهذه الطريقة تنتج مشهداً متعدد الأبعاد وذو صبغة واقعية . ولتحقيق هذه المعادلة الكتابية الصعبة يجب وضع الاعتبارات التالية في الحسبان أثناء كتابة الحوار :
النص المستتر:
النص أو المعني المستتر هو ما يتم توصيله في المشهد إلي المتفرج بصرف النظر عن الكلمات المنطوقة. وهذا الذي يتم توصيله هو الشعور الحقيقي للشخصية سواء كان صادراً عن وعي أو عن اللاوعي . فالنص الظاهري يدور سجالا بين الشخصيات ، بينما تتساقط معاني النص المستتر دون أن يُنطق !! ونلاحظ أن النص المستتر يمكن التعبير عنه بلغة الجسد (الحركات والإيماءات) كما يمكن التعبير عنه في الحوار ذاته .
الصراع :
يساهم الصراع كما قلنا في دفع الحدث للأمام , ولذا يجب أن يحتوي الحوار علي جذور هذا الصراع . ولا داعي لأن يبدو التعارض بين إرادة الشخصيات مباشراً , بل الأفضل عادة أن يتم التعبير عنه بطريقة مستترة , فكثيراً ما يكتسب الصراع أهمية أكثر إذا كانت إحدى الشخصيات لا تعرف علي وجه التحديد طبيعة مشاعرها، أو تحاول التهرب منها.
المعلومات الناقصة :
من الأفضل أن تكون هناك بعض المعلومات التي يترك الحوار مهمة استنتاجها لذكاء المتفرج وخياله ، أو من المعلومات التي يعرفها بالفعل عن القصة . وهذه المشاركة من جانب المتفرج تجعله في حالة توحد مع عالم الفيلم . لأن الحوار المباشر الذي يخبر المتفرج بكل شيء يصيبه بنوع من الضيق , لذا يفضل تجنبه.
ترتيب جمل الحوار حسب أهميتها :
يجب أن تتطور جمل الحوار من الأقل إلي الأكثر أهمية . لأن هذا التدرج يسمح للمشهد بالوصول إلي ذروة منطقية.
توقعات المتفرج:
تميل بعض المشاهد أحياناً - وخاصة المشاهد الرومانسية والمأساوية - إلي استدعاء الحوار التقليدي . وفي هذه الحالات، من المستحب أن تتجه الكتابة عكس اتجاه توقع المتفرج . فيمكن مثلاً إضفاء لمحة من المرح علي مشهد مأساوي بدلاً من الإغراق في الميلودراما .
نفس الشيء يمكننا قوله عن مشاهد الحب المؤثرة , فمعظمها يُِِبني علي إشاعة روح المرح , أو أحياناً علي الصراع أكثر من العاطفة ذاتها. وعلي المستوى الظاهري ربما يبدو المشهد لا علاقة له بالحب , لكن تحت السطح يكمن المعنى الحقيقي للحب. وعلى الكاتب أن يتجنب الحوار المباشر والمتداول بكثرة بقدر الإمكان .
كتابة الحوار :
النقط التالية مفيدة في كتابة الحوار:
1- تحديد الهدف : تبدأ عملية كتابة المشهد بتحديد هدفه داخل السيناريو, وهدف كل شخصية داخل المشهد, والنهاية التي سوف ينتهي بها.
2- التخطيط : من المفيد في الحوارات المطولة نوعا ما وضع تصور لبناء الحوار داخل المشهد بحيث ينقسم إلي بداية, ووسط, ونهاية. وفي نفس الوقت يجب الانتباه إلي أن المبالغة في التخطيط ربما تنتقص من تلقائية الحوار لحظة الكتابة الفعلية.
3- الكتابة : يمكن البداية بكتابة المعنى المقصود من النص المستتر في شكل حوار مباشر, ثم يتم بعد ذلك إضافة بداية ونهاية للحوار في كل مشهد . وفي المرحلة الأخيرة تضاف اللمسات النهائية بحذف الحوارات المباشرة وإضافة اللمحات الدالة على النص المستتر وكلمات التردد التي تقترب بالحوار من الحوار الواقعي اليومي , ومنح حوار كل شخصية صفاته المميزة .
4- تفادي الاستطراد : لا يجب في مراحل الكتابة الأولى الاستغراق في محاولة البحث عن أفضل الكلمات المعبرة عن الفكرة, لأن هذا يقطع تيار الإبداع . بل اكتب ما يرد على بالك في المرحلة الأولى وانتقل إلى ما يلي ، وسوف يتم تنقيح كل شيء في إعادة الكتابة .
5- إعادة الكتابة: لا يجب إعادة كتابة الحوار , أو إجراء اختصارات , أو إضافات قبل مرور بعض الوقت علي انتهاء الكتابة, لأن الكاتب لا يستطيع غالباً تمييز السيئ من الجيد قبل الابتعاد لفترة ما عن النص .
6- اكتب بين السطور: إذا كان لدي الكاتب شك في جملة بعينها , فلا بأس من صياغتها مرة ثانية تحت الجملة الأولي حتى يتم اختيار إحداهما في مراحل الكتابة التالية. وأخيراً ينبغي أن يبتعد كاتب الحوار عن الجمل الرنانة ، وكذلك عن الحوار الذي يبدو شديد المهارة والذكاء في حد ذاته .

1 commentaire:

  1. مع تشكراتي، مااطلعت عليه مفيد للغاية وأعتقد لو اعتمد أسلوب البساطة لكانت الفائدة جد ممتعة لاسيما وأنا مبتدئ في كتابة القصة والسيناريو.
    هل يمكن لي موافاتكم بقصة وسياريو وحوار من إنتاجي يتعلق بموضوع كورونا مع تحياتي مجددا.

    RépondreSupprimer