jeudi 26 avril 2012

ثقافة سينمائية

الممثل وأنماطه السينمائية
  
عقيل مهدي يوسف
  



ازدادت الشخصيات غني وتعقيداً في تجارب الحداثة السينمائية ، ان شخصيات الفيلم الحديث:
(هي تكوينات من التناقضات ، من الأزدواجية، من الظلال المرهفة، ومن المهارة، لذا فأن علي ممثلي وممثلات السينما الجدد انفسهم ان يتحلوا بالحساسية ازاء تلك المتناقضات وبالبراعة في عكسها علي الشاشة في الوقت نفسه، يجب عليهم ان يكوانوا- او ان يظهروا علي اهمية النشاط في كل لحظة ، تحت السطح المباشر، لابد ان يكمن بعد استبطاني وتحليلي، ان علي (المتاح) ان يتعايش مع المحير و(العنيف) مع (الهش) عنصر يتزامن مع الآخر ملمح يتلاشي ليكشف ملمحاً آخر تحته، تلك هي آلية وجوهر عملية تصوير الشخصيات.
هذه الآلية ، تطور من القدرة، (الايمائية) للمثل، سواء من خلال ما يمتلكه جسده من لغة اشارية ومسافية (بونية) ووضعيات) (بوز) ولغة(زي) يعكس موقعة الاجتماعي والنفسي والتاريخي والفكري لذلك تقترن فعالية الأداء التمثيلي بالخبرة العملية والفكرية للممثل، الذي يفجر طاقته الخلاقة عبر قنوات التكوين والصورة، ودمج المادة بالتعبير المحسوب بدقة امام الكاميرا.
وكان مارلون براندو : يخلق عقبات امام نفسه، او امام مخرجه، ويجد - غالباً- افعالاً ذاتية اصيلة وذات خيال للمشهد(كما في فيلم العراب حيث يداعب حفيده بقشرة البرتقال علي اسنانه).
طريقته في العمل تعتمد علي تأقلمه الشخصي مع العالم المحيط به، ان(الانطباعات عن الشخصية لاتحبط جهوده، او تحرم تشخيصه من طبيعة عضوية).
فالتعامل بين وهم الدور والحقيقة المادية للممثل هي من بين اكثر القضايا الابداعية الحاحاً في عمل الممثل، ومن هنا يركز المخرج العالمي علي طبيعة الممثل الشخصية عندما يتم اختياره للفيلم.
ان انطنيوني يبدو شديد الأهتمام بأستخدام خصال حيوية لشخصيات ممثلية(الحقيقية) ثم ما يلبث ان يمنتجها مع صورهم (السينمائية) ليستخلص تالفاً ايدلوجيا لاسيما في تعامله مع ممثلين غير محترفين بأختيار مواقف جسدية وحركات وايماءات محددة ان للمخرج السينمائي (مدونته) الخاصة او (نوتة) فلمية لانها تجربة الفلم، تبني علي نسق من العناصر، وعلي اسس فنية ملموسة ، راسخة ، وهنا يذكرنا مخرج عالمي سينمائي، بالاتي:
(يضع الموسيقي علامات سود صغيرة- كما يسميها الفريد هتشكوك- علي صفحة من الورق من تلك العلامات نستخلص موسيقي بصورة مشابهة يضع المخرج علي الشاشة صوراً، وعبر تلك الصور نستخلص شخصيات وقصة)، ان(التلقي عملية مهمة وحاسمة وفق نظرية هتشكوك السينمائية لانه ان لم يحقق (الرعب) اثره في المتفرج يخسر اللعبة التي يراهن عليها، لقد بات الهلع والخوف والهستيريا مفردات معتادة في عالمنا العدائي، ويقع علي الممثل امر معالجة جسده وفتح دلالاته من خلال ادوار تبتعد عن حضوره، وتمعن في غيابه، لملاحقة اطياف الفن ان(انماط التمثيل) متعددة ، بتعدد الخطاب الفني واشتغالات الممثل.
ومنها- ممثل(الشخصيات) الذي يكافح ليخلق شخصية تمزج بين ذاته وبين الصورة المكتوبة، (..) ينقوا نفوسهم ويلبسوها ذواتاً جديدة تماماً طبيعية مثل داستن هوفمان.
- ممثل (الذات) تطور من خلال القوة المجسمة والثقل الجمالي للسينما لايتجاوز في ادائه- مدي العاطفة اكثر من بضعة علامات موسيقية، اننا نري عزفاً علي النغمة نفسها في بيئات متنوعة وفي صراعات مختلفة ، وفي سلسلة من الحقب الزمنية، ان الازياء والمكياج والديكور والظروف المحيطة تتغير ، لكن الشخصية واستجاباتها تبقي علي حالها من حيث العمق والتعقيد وكأنهم ليسوا ممثلين (جين فوندا واحد من بين هذا النمط من الممثلين.
- الممثل الجسدي يقدم(موضة) رائجة لدي عموم الناس وممثلة تمتلك طابعاً جسدياً (نافرا) غير عادي (مارين مونرو) في فيلم(الناشزون) طفلة ذات جسد مثير للشهوة.
- الممثل الطبيعي : شخص التقطه المخرج من الشارع فدريكو فللني استخدم الناس الذين كان يصادفهم في مواقع تصوير افلامه يفوقون حسب رأيه - جمود بعض المحترفين ولايلائمون اهدافه تعكس وجوههم حياة بأكملها من التجارب - اي الحقيقة القدرة الخبرة، - وكلها مضمنة في هذا التكوين، والخطوط والتجاعيد ، ليس ثمة فاصل بين الممثل والشخصية (المشهد) في فيلم(انا اتذكر) بين فتي يافع وصاحبة المتجر ذات النهدين الهائلين رائعة من روائع الكوميديا الحسية.
- اذاً هناك ممثل (الشخصيات) وممثل(الذات) وممثل (الجسد) والممثل (الطبيعي).
وهذه الانماط الجامعة مـا بين الممثل (المحترف) و(الانسان (العادي) كلها تمتلك خاصيتها المؤثرة في المتلقي (المتفرج) لتدخله في عالم من التخيلات الفلمية المتفردة، وتبتعد به عن المألوف والمحدد الواقعي ، ولكن هناك ضرباً ونمطاً من الممثلين الخلاقين الكبار وهم يندرجون في النمط (المجازي) الراقي.
ومنهم(مارلون براندو) : في اول ظهور له في فيلم(فيضان المسسبي) كان اختياره (الخارجي) ينم عن خيال فمجرد اقترابه من المنزل وتحيته للمرأة الشابة المتحررة ، يتدلي من علي متن حصانه يصبح رأسه الي اسفل، علي الفور تعطي الحركة انطباعاً عن شخصية بأنها لرجل(سيصنع الآخرين في وضع لايعرفون فيه ما هي خطوته التالية،لذا ففي حين تبدو تكشيرته للترحيب، فأن سلوكه المزاجي يوحي بعنصر من الخطر، لاحقاً يصل هذا القاتل المأجور الي غاية مهنته الدموية لابساً مريولا وفوطة وتنورة طويلة لربة منزل.
هذه(الاستعارة المجازية) هي خاصية الممثل في ابداعه.

عن ( الزمان)
 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire